فاس - حميد بنعبد الله
تتواصل في مدينة فاس المغربية، وطيلة أسبوع كامل، احتفالات الشرفاء الأدارسة بموسم جدهم المولى إدريس الأزهر، باني المدينة ومؤسسها، والتي انطلقت، الخميس، بتنظيم الحفل التقليدي لـ "الكسوة" المزينة بآيات قرآنية من خيوط من ذهب والمخصّصة لتغطية قبر المولى إدريس، على نغمات موسيقية صوفية.
وحضر الحاجب الملكي إبراهيم فرج انطلاق حفل الكسوة احتفالاً بانطلاق الاحتفالات بمولاي إدريس الأزهر
ثاني سلاطين المغرب الذي أسس مدينة فاس في سنة 808 ميلادية، رفقة والي جهة فاس بولمان محمد الدردوري، ووفد رسمي مشكل من المنتخبين والعلماء والشرفاء الأدارسة وشخصيات عسكرية ومدنية.
وانطلق موكب الكسوة من منزل ناظر الأوقاف الخاص بالشرفاء الأدارسة، الذين دأبوا على هذا التقليد الاحتفالي منذ سنوات عدة، بعد أن احتضن المنزل قبل أسبوع من ذلك عملية خياطة كسوة ضريح باني فاس ومؤسس الدولة المغربية القريب من حي النجارين وسيدي موسى في المدينة العتيقة لفاس.
وعبر الموكب الذي حضره جمهور هائل، أهم شوارع وأزقة المدينة العتيقة لفاس وخاصة باب بوجلود والطالعتين الصغرى والكبرى وزقاق الحجر قبل الوصول إلى موقع الضريح، وهو الاحتفال الذي ظل طيلة سنوات وعقود، راسخًا ومألوفًا لدى الساكنة التي تجد في المهرجان متنفسًا روحيًا ودينيًا "قل نظيره".
مشهد هذا الموكب الاحتفالي المرفوق بـ "النكافات" والأعلام والرايات، غالبًا ما ينطلق من حيث تُخاط كسوة ضريح المولى إدريس، التي تتقدم عشرات الرواد والمحتفلين، قبل أن تحط الرحال حيث يرقد المولى إدريس على إيقاع الزغاريد التي تحرق الأجواء وأنغام الغيطات وإيقاعات الطبول.
وتشكِّل عملية إعداد الكسوة "تقليدًا مهمًا يتم في منزل ناظر الأدارسة في جو بهيج وسط أنغام موسيقية أندلسية صادحة".
واعتاد الفاسيّون على مشاركة الفرق الموسيقية الفلكلورية والشعبية والصوفية لعيساوة واحمادشة وجيلالة، في مختلف الاحتفالات المنظمة في المناسبة.
ويشكل الحرفيون والصناع التقليديون لوحة "لا محيد عنها" في هذا الموسم، ويحظى موكبهم الذي تتقدمه الذبائح وإيقاعات كناوة والدقّة الفاسية، باهتمام الفاسيين. ويُشكّل الاستعراض لوحة فنية بانورامية يحتضنها فضاء واد فاس تتخللها عروض الفروسية و"التبوريدة" بمشاركة مجموعة من الفرق من مختلف الأنحاء.
ولا يخلو هذا الموسم الذي يشكل واحدًا من المواسم الدينية المحتفل بها في المدينة كما سيدي علي بوغالب وأحمد التيجاني، من ندوات وسهرات فنية ولوحات رائعة للأعلام الخاصة بالفرق الموسيقية والفلكلورية المشاركة وخصوصًا المقدمين بالزي التقليدي و"أبياضات" الخاصة بالنكافات وبراعم الإمام البصيري.
ويعمد المحتفلون إلى إقامة وتهيئ مآدب عادة ما يُقدّم فيها الثريد الفاسي والدجاج المقلي على الطريقة الأندلسية قبل أن يتم حمل الأطباق المعدّة إلى أعيان المدينة ومنزل الشرفاء الأدارسة، خاصة في ما يُسمَّى بـ "الحرم الإدريسي".
وتبقى عادة قيام الدباغة بغسل ضريح المولى إدريس ليلة كل خميس من كل موسم سنوي قبل القيام بذبح الذبائح تيمنًا بروح الفقيد، قائمة إلى الآن وتشكل طقسًا "لا يخلو من احتفالية".
وفي إطار إعطاء دفعة جديدة للموسم المنظّم عادة في النصف الثاني من أيلول/ سبتمبر من كل سنة، يتم تنظيم معارض للخزف وسروج الخيول والمطروزات، لـ "تشجيع الصناع التقليديين، وإنعاش الاقتصاد المحلي وترويجه، والتعريف بمهارة وإبداع الصانع التقليدي الفاسي".
ومنذ اتخذ مهرجان المولى إدريس الثقافي طابعه وعمقه الديني الحالي، تم توسيمه ببرامج حافلة تتضمن أنشطة متنوعة روحية وثقافية وسياحية وترفيهية وسهرات للفرق الفلكلورية بأهم ساحات المدينة.
ويتم في المناسبة استغلال المنتوج الموسيقي المحلي وخاصة الأندلسي والأهازيج والملحون، والتراث المحلي.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر