غزة ـ محمد حبيب
مع قدوم شهر رمضان تسيطر حالة روحية على الفلسطينيين جميعا، فهدوء الصوم يجمع بين المسلمين والمسيحيين، وموائد الإفطار الوطنية قاسم مشترك خلال أيام الشهر الكريم. ولم يعد شهر رمضان حكرًا على المسلمين وحدهم، عندما أصبح المسيحيون يشاطرونهم فرحتهم، وإفطارهم، وزياراتهم العائلية، حتى الحلويات الموسمية كالقطايف؛ باتت محببة لقلوبهم، ناهيك عن صيام بعضهم أسوةً بأصدقائهم
.
ثمة متشابهات بين طقوس المسلمين والمسيحيين في رمضان، باستثناء فترة الصوم التي تمتد من الفجر حتى المغرب، وما يتبعها من صلاة التراويح والعبادات التي يحييها المسلمون، ويأتي التشابه الذي يصبغ رمضان بالصبغة الفلسطينية، تهميش الانقسام، وتلاقي الأرواح فيما تحب، ومن ثم موائد السحور والإفطار التى يتبادلها أبناء الوطن.
أجواء رمضان في غزة يرويها عبد الله جهشان فلسطيني الأصل، وهو من الطائفة الأرثذوكسية، قائلا " استمتع بطقوس وتقاليد هذا الشهر المبارك، وأحرص دائما على دعوات الإفطار والسحور التي أشارك فيها إخوانى المسلمين"، معربًا عن ارتياحه لزوال الفوارق الدينية والتوحد في طقوس اجتماعية تتجلى في مظاهر احتفالية ذات خصوصية.
وأكد عبد الله تلبيته لدعوات الإفطار والسحور في رمضان كلها، لافتًا إلى أن في هذا الشهر تتعزز أواصر المحبة بين أبناء الشعب، نابذين الخلافات الحزبية فيما بينهم.
ويضيف جهشان "أجواء رمضان تختلف عن باقي الأيام" ويضيف جهشان، "نحن نعيش بمجتمع الأغلبية فيه مسلمة، وتأقلمنا معهم، والتزمنا بضوابطهم، وأصبح رمضان شهر للتقرب والتواد بين الناس".
وقرر أصدقاء عبد الله تنظيم برنامج لافطار الصائمين بالعمل، وكان هو أحد المدعوين، عزم على أن يصوم مثلهم، يقول في ذلك "أحببت أن أعيش الأجواء، وأشعر بمتعة الافطار معهم، وأثناء تناول الطعام، كانت له نكهة خاصة، وجَمعة تختلف عن باقي الجلسات".
العمل اليومي حسبما أفاد عبد الله لا يتأثر سلبا جراء الصوم، وإنما تتبدل مواعيد اللقاءات لتصبح بعد الإفطار، "أسلوب حياة تعودنا عليه خلال هذا الشهر الذي أصبح ثقافة تجمع بين المسلم والمسيحي في روحانيته ومواعيده".
أما أنجي شاهين، فتقول "القطائف والحلويات وأصوات القرآن بصلاة التراويح صارت عادات سنوية لدى المسيحيين تتجدد خلال رمضان".
وتستغل أنجي، وهي من طائفة عبد الله الروم الكاثوليكية ذاتها، كل يوم من شهر رمضان، فتصنع القطائف، وتقول " من اليوم الأول حتى الأخير، لا تغيب القطائف عن المنزل".
لا تشرب الماء أمام أحد صائم من المسلمين، حتى وإن هو أحضره لها، مؤكدًة أنها تتعامل بنفس ما تحب أن يعاملها الآخرين، دون خدش مشاعر أحد.
تصوم أنجي بضعة أيام من شهر رمضان، وتعتبر أن ذلك مقاسمة للمسلمين بالعادات والأحكام، بيد أن ابنتها الصغرى تحب أن تجرب الصوم، فتبقى صائمة عن الطعام حتى العصر.
الشاب كمال، يعترف بأنه يواجه أصلا صعوبات كبرى للالتزام بمبادئ المسيحية، وقد صام يوما أو يومين فقط وذلك احتراما للمسلمين، ويقول: "غالبا ما أفعل مثلهم، فلا آكل ولا أدخن ولا أشرب ولو خفية".
شهر رمضان أصبح يجمع المسلمين والمسيحيين على مائدة واحدة، وإن لم تكن موجودة، تبقى المشاعر لتنم عن الاحترام المتبادل، وجميعهم ينبذون التفرقة سواءً طائفية، أو حزبية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر