تونس ـ كمال السليمي
كشف رئيس حركة "النهضة" في تونس الشيخ راشد الغنوشي، أن حركته ستركز في الحملات الانتخابية المقبلة في تونس على المجال الاقتصادي، مؤكدًا رفضه لدعوات تغيير الحكم في تونس إلى النظام الرئاسي. وقال في حوار على هامش "منتدى قناة TRT WORLD " التركية إن "الخطوات المقبلة للحركة هي "استكمال المسار الديمقراطي بالاتجاه نحو الانتخابات المحلية والبلدية في 2018، وبعد ذلك ستكون هناك انتخابات تشريعية ورئاسية في 2019، والبلد مشغول الآن بقضايا التنمية، لأن أهداف الثورة في الحرية والديمقراطية تحقق منها الكثير، وفِي طريقها إلى ان تستكمل".
وتابع الغنوشي في حوار مع "الأناضول" : "الانجازات في المجال الاقتصادي والاجتماعي بتوفير الشغل وتطوير التعليم والصحة والخدمات والزراعة، لا تزال محدودة، ولذا نركز على هذا الجانب، بما يوفر الشغل والعمل والكرامة لشباب الثورة، فحتى الان لا يلمسون النتائج في الحياة اليومية". وشدد أن الحركة "ستركز على المجال الاقتصادي، وعندها وظائف اقتصادية مهمة في الحكومة الحالية من خلال عدة وزراء، وبالتالي يركزون جهودهم على الجانب الاقتصادي، باعتباره نقطة الضعف في البلاد، وباعتبار أنه التحدي الأكبر الذي يواجه البلاد".
وقال رئيس حركة النهضة : "نحن في تونس النظام الذي اخترناه نظام برلماني، مطعم بشيء من النظام الرئاسي، وهناك من يطالب بتونس اليوم، بتغيير هذا النظام البرلماني، والعودة إلى النظام الرئاسي". وأعرب عن رفضه هذه المطالب بقوله "نحن لسنا مع ذلك، ونرى بأن الأنظمة السياسية والدساتير لا ينبغي أن تكون مثل فصول السنة، تتغير بتغير الفصول، طبيعة الدساتير هي الثبات".
وأردف الغنوشي بالقول إن الدساتير "يمكن أن تتغير بعد تجربتها، بعد أن يمر وقت كاف للتجربة، يتبين فيه بأن المادة الدستورية لا تصلح فتغيّر، ولكن يجب أن تعطى الدساتير الفترة الكافية للتجريب". وبيَّن رؤيته في هذا الصدد: "التجربة التونسية ناجحة في الانتقال الديمقراطي، لأنها اعتمدت على التشاركية والديمقراطية التوافقية، وليس ديمقرطية المغالبة، واكتشفنا أن هناك فرق بين الديمقراطية الناشئة، والديمقراطيات العريقة المستقرة".
وأوضح بقوله "في الديمقراطيات المستقرة يكفي أن يحصل حزبك على 51 ٪ لتحكم لوحدك، وفي الديمقراطية الناشئة هذا لا يكفي، لأن الديمقراطية الناشئة تخشى (عواقب) الانقسام، اذا انقسم المجتمع". واستشهد في هذا السياق بالنموذج المصري الرئاسي قائلا: "الرئيس المصري السابق محمد مرسي، انتخب (عام 2012) بنسبة 51 ٪، وخصمه أحمد شفيق حصل على نسبة 49 ٪، وبالتالي هذا انقسام في المجتمع، ولذلك لم يدم الأمر طويلا، فانقسم المجتمع، واصبح هناك اعتصام في ميدان التحرير، واعتصام في رابعة في القاهرة، وكأنه أصبح هناك ثورتان وليس ثورة واحدة".
إلا أن التونسيين - يتابع الغنونشي - "تجنبوا الانقسام، ورفضوا كل مشروع اقصائي، يقصي من اشتغل مع النظام القديم، لأنه يقسم المجتمع، وقلنا كل من قَبِل دستور الثورة هو ابن الثورة، واذا ارتكب خطأ وجريمة يحاسب عليها فردا وليس جماعة". واوضح أكثر اهمية التوافق بين مكونات الشعب قائلا: "في ليبيا سنوا قانون العزل السياسي، كل من اشتغل مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، أحيل للمعاش، وفي العراق استنوا قانون اجتثاث "حزب البعث"، ونحن تجنبنا هذا، وقلنا لا بد من توحيد الشعب، قديم وحديث، إسلامي وعلماني، هذا هو حكم التوافق".
وحول تصريحات رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، بأن المصالحة الفلسطينية استفادت من التجربة التونسية، علق الغنوشي قائلا: "حماس تتجه نحو حكم التوافق بينها وبين خصمها السياسي "فتح"، بل هم يريدون توافقا أكبر من "فتح"، يريدون توافقا بين الفصائل" كلها. وأردف: "تنازلوا عن الحكم من أجل حكم توافقي تجتمع عليه كل الفصائل، وهو أمر جيد، لأن الديمقراطية الفلسطينية ديمقراطية ناشئة تحتاج إلى توحيد الكلمة والإجماع، وليس الاقصاء والاستقطاب والصراع".
وفي ما يتعلق بعدم تعارض الإسلام والديمقراطية، واستفادة الحركة من ذلك، أوضح زعيم حركة النهضة: "منذ سنة 1981، أول بيان سياسي اصدرته للحركة وكان اسمه حركة الاتجاه الاسلامي، برهنا فيه على انه لا تناقض بين الدين الاسلامي والديمقراطية، لأن الإسلام جاء ثورة تحريرية شاملة".
ولفت إلى أن "الإسلام جاء لكسر الأغلال التي تكبل العقول، والتي تكبل الاقتصاد، وتكبل حريات الناس، وجاء بمبدأ الشورى، أي أن الحكم هو للشعب، وأن الحاكم هو خادم للشعب وأجير للشعب، والشعب هو الذي يوظفه، وهو الذي يستطيع أن يصرفه متى يشاء". وشدد قائلا: "نحن نرى أن لا تناقض بين الديمقراطية بأنها حكم للشعب، وأن الاسلام وهو حكم الأمة، لذلك اي ادعاء بأن الديمقرطاية حرام، إساءة وسوء فهم للإسلام".
وحول الاستفتاء الباطل في إقليم شمال العراق، قال الغنوشي: "نحن مع وحدة أوطاننا، ولسنا مع التفريق، لأن الخطة الدولية هي فرق تسد، ويمكن البحث عن أشكال سياسية توفر لمنطقة معينة نوعا من الاستقلال الذاتي ضمن المجموعة". وختم بالقول: "نريد أن تمضي أمتنا لمزيد من الوحدة وليس التفرق".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر