استبق البرلمان الليبي بشرق البلاد اندلاع أزمة مع تونس، وذلك بسبب تصريحات "مسيئة" منسوبة لأحد العناصر، التابعة لـ"الجيش الوطني"، توعد فيها تونس، عقب اقتراب قواته من الحدود البرية المشتركة معها.وأحدث مقطع فيديو لأحد عناصر "الجيش الوطني"، بثته قناة ليبيا "الحدث"، الموالية للجيش، غضبًا كبيرًا لدى قطاع واسع من التونسيين، عندما تحدث عن استيلاء القوات على مناطق العسة، والجميل، ورقدالين، وزلطن، وطرد الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة "الوفاق"، لكنه تمادى في حديثه متوعدًا التونسيين بالعقاب.
وسارع مجلس النواب الليبي باستنكار ما أقدم عليه هذا العنصر، دون ذكر تفاصيل الواقعة، وقال إن "القيادة العامة للجيش الليبي لن تتهاون مع أي تصرفات تسيء لدول الجوار".
وعبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالبرلمان، يوسف العقوري، عن استنكاره لوجود مقطع فيديو مسجل، تناقلته شبكات التواصل الاجتماعي، تضمّن تصريح أحد الأفراد بعبارات مسيئة لدولة تونس. وقال العقوري في بيان أمس: "هذا تصرف فردي"، مؤكدًا "عمق العلاقات مع تونس، من منطلق أن (ثوابت السياسة الخارجية) المتمثلة في حرص السلطات الليبية، والقيادة العامة للجيش، تشدد على احترام أمن وسيادة دول الجوار والحفاظ عليه، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها".
وبموازاة الإعلان عن قرب سيطرة "الجيش الوطني" على بلدة زوارة، ومن ثم معبر رأس جدير الحدودي، دفعت تونس بتعزيزات عسكرية وأمنية إلى حدودها الشرقية مع ليبيا أول من أمس. لكن لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان طمأنت الشعب التونسي، لافتة إلى أن حماية الأراضي الليبية من واجبات "الجيش الوطني"، محذرة مما سمته "المنصات الإعلامية المشبوهة"، التي تحاول استغلال الحادث لتشويه الجيش والإساءة للعلاقات بين البلدين.
وكانت تقارير إعلامية في تونس وليبيا قد أشارت إلى أن قوات تابعة لمشير خليفة حفتر باتت على مسافة نحو 15 كلم من التراب التونسي، على مستوى المعبر الحديدي رأس الجدير، وأكدت أن الطرفين المتنازعين على السلطة في ليبيا يسعيان إلى السيطرة على هذا المعبر، الذي يعد مهمًا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وقال شهود عيان إنهم شاهدوا عددًا كبيرًا من حاملات الجنود والعربات المدرعة المزودة برشاشات ثقيلة ومدفعية قصيرة المدى في أبرز مداخل بلدة بن قردان، وأخرى كانت تتجه نحو رأس جدير، الذي يُعتبر من أبرز المعابر الحدودية البرية بين تونس وليبيا. مشيرين إلى أن هذا الوجود العسكري المُكثف ترافق مع انتشار واسع لوحدات مُسلحة تابعة لقوات الأمن والحرس الوطني (الدرك) على طول الطريق الرابطة بين بن قردان والمعبر الحدودي (رأس جدير)، حيث يقوم أفرادها بعمليات تفتيش دقيقة للسيارات الليبية التي تدخل التراب التونسي.
كما سجلت وسائل إعلام محلية تحليقًا مكثفًا لعدد من المروحيات العسكرية التونسية على طول الحدود بين تونس وليبيا، مع تركيز لافت على محيط المعبر الحدودي (رأس جدير)، الذي يقع على بعد نحو 600 كيلومتر جنوب شرقي تونس العاصمة، والذي أُغلق أكثر من مرة بعد تكرر الحوادث الأمنية.
وقالت مصدر عسكري لـ"الشرق الأوسط" إن العنصر، الذي تلفظ بالإساءة ضد تونس، "تم توقيفه، والتحقيق معه". في وقت سعى فيه كثير من الليبيين، وخاصة المقيمين في تونس إلى تلطيف الأجواء. من جهته، قال خالد الغويل، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية لـ"الشرق الأوسط": "أوضحنا لإخواننا التونسيين أن هذه التصريحات، التي صدرت عن هذا العنصر فردية، وأن عموم الشعب الليبي يكنّ كل الاحترام والتقدير للشقيقة تونس، لما قدمته وتقدمه لشعبنا ليبيا".
وأضاف الغويل عبر حسابه على "فيسبوك" أن العلاقة بين تونس وليبيا "هي علاقة أخوة متجسدة عبر التاريخ، ورواها الأجداد، وترجمها التاريخ ضد المستعمر الفرنسي والإيطالي، وقادها رجال عظام كتبوا أسماءهم بحروف من ذهب".
وذهب الغويل إلى أن "المجاهد التونسي محمد صالح الدغباجي، والمجاهد الليبي خليفة بن عسكر جسدا معنى الأخوة والجوارة، لافتًا إلى أن "عمق العلاقات بين الشعبين اليوم لا تفصله إلا الحدود التي اصطنعها المستعمر. أمّا الذي تحدث في فيديو مصور فلا يمثل إلا نفسه، وعليه أن يحرر الوطن من (مرتزقة) إردوغان حتى يتحدث بهذه اللغة".
وانتهى الغويل قائلًا: "كلامه مردود عليه... تونس وليبيا شعب واحد في دولتين".
قد يهمك أيضا:
البرلمان الليبي يفوّض الجيش لتعطيل المطارات والموانئ لمواجهة التدخل التركي
البرلمان الليبي المنعقد في بنغازي يصوت على رفض اتفاقيتي حكومة الوفاق وأنقرة
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر