طرابلس - ليبيا اليوم
بالرغم من أن الحديث عن استخدام الأسلحة النوعية في حرب العاصمة طرابلس، لم يثبت عليه دليل، أو تجرى بشأنه تحقيقات، لكن تبادل الاتهامات بين الطرفين المتحاربين منذ 13 شهراً زاد من حدة المخاوف حول اللجوء إلى هذه الأسلحة في المعارك المحتدمة بينهما، مما قد يلحق الضرر بالكتل السكانية الكبيرة الواقعة في نطاق الاشتباكات، وسط تهديدات برفع الأدلة إلى البعثة الأممية و«منظمة حظر الأسلحة الكيماوية».
وحمّل الخبير الأمني المصري، العميد خالد عكاشة، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» الجانب التركي، الحليف لقوات «الوفاق»، المسؤولية عن دخول هذه الأسلحة إلى طرابلس تحت غطاء مذكرة التفاهم الأمني الموقعة مع تركيا والتي تتضمن تبادل الأسلحة والمعدات العسكرية. وقال عكاشة: «الأتراك هم الطرف الوحيد الذي يستطيع امتلاك هذه النوعية من الأسلحة»، منوهاً إلى أنه «يمكنهم شراء هذه الأسلحة لصالح الجيش التركي، في حال عدم تصنيعها محلياً، ثم تسليمها للميليشيات المسلحة أو المرتزقة الذين تم جلبهم من ساحات القتال بسورية».
وسبق للمبعوثة الأممية بالإنابة لدى ليبيا، ستيفاني ويليامز، التعبير عن قلقها من هذه الأسلحة، قائلة: «لقد تحولت ليبيا إلى حقل تجارب لكل أنواع الأسلحة الجديدة مما أجج القتال»، وتحدثت عن «ظهور منظومات مخيفة من الأسلحة الحرارية والقذائف الصاروخية وطائرات مسيّرة حديثة تنفجر عند الارتطام، جرى استخدامها بساحات القتال وبالضواحي الحضرية في طرابلس».
وحول القدرات والإمكانيات التي تتمتع بها هذه الأسلحة، قال عكاشة: «القاذفة الصاروخية (آر بي أو إيه) عبارة عن سلاح حراري متعارف عليه يحمل على الكتف، ويتميز بقدرته في تدمير آليات ثقيلة بما في ذلك الطائرات أيضاً»، لافتاً إلى أنه «يعمل بمنظومات ذات تكلفة مادية محدودة، وبالتالي التوسع في استخدامه يحدث فرقا في معدلات التوازن بين الأطراف، خاصة مع اعتماد الجيش الوطني على أسلحة قديمة ورثها عن النظام السابق». وأرجع عكاشة «التفوق النوعي الذي استطاعت القوات الموالية لحكومة (الوفاق) تحقيقه في الأسابيع الأخيرة باستعادة سيطرتها على عدة مدن بالساحل الغربي بل والتحرك باتجاه مدينة ترهونة وتهديدها، إلى الاعتماد على هذه الأسلحة الحديثة».
وأضاف عكاشة «إلى جانب القذائف الصاروخية هناك الطائرات المسيرة التركية المتعددة المهام والخصائص ما بين الاستطلاع والتصوير أو إلقاء القذائف أو التحمل بالصواريخ مما يجعلها تنفجر عند الارتطام»، لافتاً إلى أن «جميعها يتم تسييرها من قبل الخبراء الأتراك الموجودين بغرفتي العمليات الرئيسية في مطار معيتيقة، أو قرب الحدود التونسية». وكانت حكومة «الوفاق» اتهمت شركة فاغنر الروسية باستخدام غاز الأعصاب ضد مقاتليها، في معارك طرابلس، وقال وزير الداخلية بالحكومة، فتحي باشاغا، إن «شركة فاغنز الآن تجري في اتجاه خطير جدا»، مُضيفا أنه «في محور صلاح الدين، جنوب طرابلس، هاجمت مجموعة من مقاتلينا البواسل مقرات حفتر فتعرضوا للضرب بغاز الأعصاب».
في هذا المسار، قال مصطفى المجعي، المتحدث باسم عملية «بركان الغضب» التابعة لحكومة «الوفاق» إن الفرق الطبية بالمستشفيات الميدانية التابعة لهم «رصدت هذه الأعراض في تقاريرها الأولية»، مضيفاً «وبالرغم من نفي الجانب الآخر (الجيش الوطني)، فإننا سنتابع وسنحرص على إيصال التقارير النهائية وكافة المعطيات للبعثة الأممية ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية». وتابع «هذا سيكون من الدلائل التي تدعم مصداقية اتهاماتنا السابقة تلك القوات المعادية بالمسؤولية المتواصلة عن خرق الهدنة واستهداف المدنيين وأخيراً نقل أسلحة نوعية ومخيفة لساحة المعركة». وبالإشارة إلى الاتفاقية الأمنية الموقعة بين حكومة «الوفاق» وتركيا، أكد المجعي على حق الحكومة في تعاونها مع أنقرة، لكنه بالمقابل تطرق إلى «كيفية حصول قوات (الجيش الوطني) على المزيد من الأسلحة الحديثة التي عثر عليها بمخازن ومستودعات المدن التي تمكنت قوات الوفاق من إعادة السيطرة عليها».
وفيما اتفق كثير من المراقبين مع وليامز على أن «الخاسر الأول بكل الحالات هو الشعب الليبي لتحمله تبعات تحول بلاده إلى مسرح لحرب الوكالة»، يتساءل أهل العاصمة عن مصيرهم مع دخول تلك الأسلحة المدمرة للمعركة المشتعلة منذ ما يزيد على عام، وقالت فاطمة محمد، وهي موظفة بالقطاع الصحي بالعاصمة لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع في الفترة الأخيرة باتوا يلحظون الفارق الكبير في القدرة التدميرية للأسلحة التي يتم استخدامها مؤخرا خاصة». وأضافت «هذه الحرب أفقدتنا أهلنا وجيراننا ودمرت بيوتنا، مما تسبب في نزوح آلاف المواطنين وفقدانهم وظائفهم، بالإضافة إلى غلاء الأسعار».
قد يهمك ايضا
غرفة عمليات الكرامة تنفي انسحاب وحدات القوات المسلحة من طرابلس
"السيسي" نرفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الليبية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر