الرباط- علي عبداللطيف
كشف أحد زعماء الحركة الوطنية وأحد كبار رجالات الدولة والسياسة التي شهدتها الحقبة السياسية المغربية، محمد بوستة، عن بعض البياضات التي عرفتها الحقبة السياسية بعد استقلال المغرب إلى حدود حكومة التناوب التوافقي، الذي قاد أحد أكبر وأشد معارضي النظام الملكي في عهد الراحل الحسن الثاني إلى قيادة الحكومة المغربية إبان حكومة التناوب التوافقي في نهاية التسعينات.
وأوضح بوستة، خلال لقاء نظمه، الأربعاء، الناطق باسم القصر الملكي السابق، حسن أوريد في الرباط، أنه في بداية التسعينات من القرن الماضي جرت صفقة في الخفاء بين الملك الراحل الحسن الثاني وعبدالرحيم بوعبيد وعبدالرحمان اليوسفي، وشارك في الصفقة قيادات حزب الاستقلال، الذي كان يترأسه محمد بوسته.
وأكد الأخير أنه كان مشاركًا في الصفقة شخصيًا، من أجل إدماج أكبر معارضي النظام آنذاك من اليسار وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في تسيير البلاد والدفاع عن ثوابت البلاد.
وكشف بوستة أنَّ الصفقة تمّت على أساس إنهاء الحكم المطلق؛ حيث كان الملك آنذاك يقرر ويحكم كيفما شاء دون أنَّ يكون لمؤسسات أخرى مثل الأحزاب والمجتمع المدني أي دور في منظومة الحكم في المغرب، كما تمّ الاتفاق على المبادئ العامة التي يجب أنَّ يتأسس عليها دستور 1996 ومنها منح الحكومة صلاحيات واضحة للحكم مع تعيين الوزير الأول من الحزب الحاصل على المرتبة الأولى في الانتخابات، وهو ما قبله الملك آنذاك، بحسب بوسته.
وفي المقابل، قبِل الاتحاد الاشتراكي المغربي على المشاركة في الانتخابات والمشاركة في الحكم إلى جانب الملك، لكن هذا الحلم لم يدم كثيرًا؛ إذ مباشرة بعد الاتفاق جرت انتخابات تشريعية وتم تزويرها فحدث التراجع عن الاتفاق الذي تم مع الملك، بحسب بوستة، مضيفًا: "أما التراجع الثاني حدث مع فرض الحسن الثاني إدريس البصري والإبقاء عليه على رأس وزارة الداخلية، التي كانت تسمى أم الوزارات ولا تزال، وهو ما أغضب قيادات الاستقلال والاتحاد آنذاك".
وشدد بوستة على أنَّ هذه الانتخابات زوّرها وزير الداخلية القوي في عهد الحسن الثاني إدريس البصري، بمعية ومساندة الوزير الأول آنذاك أو رئيس الحكومة كريم العمراني، وأدى إلى الحاق هزيمة مقصودة بحزب الاستقلال في هذه الانتخابات، كما أنَّ نتائج الانتخابات لم تمنح الأغلبية لحزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال لتشكيل حكومة مشتركة، ومنحت الفوز لحزب آخر، مما أغضب عبدالرحمان اليوسفي وانعزل وعاد لمنطق معارضة النظام بالمنطق القديم، وبدأ بعدها الحسن الثاني يرسل عدة شخصيات إلى اليوسفي من أجل إقناعه بالعودة من فرنسا إلى المغرب والعودة إلى الاشتغال على قاعدة الاتفاق القديم، وحدث ذلك بعدما أحس الملك الحسن الثاني بمرض ألمّ به وأحسن بأنَّ الموت اقترب منه وكأن يريد أنَّ يهيئ أجواء سياسية مخالفة، لما كانت تشهده في حقبته من أجل تهيئة المناخ لابنه محمد السادس.
وأشار بوستة إلى أنَّ الحسن الثاني بدأ يضغط على اليوسفي إلى أنَّ أقنعه ونصبه على رأس الحكومة في العام 1998 بمعينة الاستقلال، رغم أنَّ الانتخابات كانت مزورة.
ولمح بوستة إلى أنَّ الانتخابات تمّ تزويرها بعلم من الملك دون أنَّ يكشف عن ذلك بوضوح.
وذكر إنَّ الطريقة التي كان يشتغل بها وزير الداخلية إدريس البصري، منعت حزبي الاتحاد والاستقلال من الحصول على الأغلبية لتشكيل الحكومة، وأكد أنَّ الانتخابات كانت "مخدومة"، ومزورة وصنعت خريطة سياسية على المقاس.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر