اعتبرت وسائل الإعلام العبرية، خطاب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المرتقب أمام الكونغرس الأميركي الثلاثاء، بأنَّه صفعة قوية من الحزب الجمهوري للرئيس الأميركي باراك أوباما، بيد إسرائيلية، وتصفية حساب مع الديمقراطيين.
وتناولت، الخطاب الذي وصفه نتنياهو بالتاريخي من وجه نظره، بالمزيد من التحليل والتوقع في ظل وجهة نظر أخرى في "إسرائيل" والولايات المتحدة تصفه بالكارثي والعبثي.
وأوضحت صحيفة "يديعوت احرونوت"، أنَّ الخطاب تصفية حسابات للجمهوريين مع الديمقراطيين، وتم استخدام نتنياهو في توجيه صفعة قوية بالذات للرئيس الأميركي أوباما .
وأكدت، أنَّ 60 عضوًا في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين أعلنوا، حتى صباح الثلاثاء، مقاطعتهم للخطاب وبينهم نواب يهود، في حين تشير بعض التقديرات، حسب الصحيفة، إلى أنَّ عددًا من النواب سيختفي من القاعة دون أن يعلن انسحابه المسبق، وسيتم استقبال نتنياهو من قبل النواب الجمهوريين بترحاب عالٍ مستخدمين ذلك في معركتهم الانتخابية المقبلة ضد الديمقراطيين.
ورصد الموقع التصريحات الصادرة عشية الخطاب والتي صدرت عن الرئيس الأميركي وأركان الإدارة الأميركية ، إذ صرَّح الرئيس الأميركي عبر لقاء مع "رويتر" بأنَّ نتنياهو أخطأ في الوصول إلى واشنطن قبل الانتخابات الإسرائيلية بأسبوعين.
وأكد أوباما أنَّ هذا الخطاب لن يكون له قيمة على المفاوضات بخصوص النووي الإيراني، وكذلك الحال مع مستشارة الرئيس للأمن القومي سوزان رايس، التي تحدثت أمس الاثنين، في المؤتمر اليهودي "الآيباك"، وقالت إنَّ الخطابات لن تمنع امتلاك إيران للسلاح النووي، وما يمنعها هي الدبلوماسية القوية والضغط والأفضل التوصل إلى اتفاق مناسب مع إيران بدلًا من فرض واقع سيء.
ومن المقرر أن يلقي نتنياهو خطابه أمام الكونغرس، عند الساعة الخامسة مساء، حسب توقيت القدس، وسيرافق ذلك عقد مؤتمر صحافي مع 7 أعضاء في المجلسين عن الحزب الديمقراطي بينهم 3 نواب يهود، سيتطرقون فيه لموقفهم من الخطاب والأسباب التي دفعتهم لمقاطعة هذا الخطاب، كما سيعقد زعيم المعسكر الصهيوني يتسحاق هيرتصوغ مؤتمرًا صحافيًا في غلاف قطاع غزة يتطرق فيه إلى هذا الخطاب.
وأبرز الصحافي الإسرائيلي أهرون برنياع، الذي يرافق نتنياهو ضمن الطاقم الإعلامي، أنَّ الجمهوريين باتوا يسيطرون بشكل كبير على منظمة "الآيباك"، مشيرًا إلى أنَّه يتم استخدام نتنياهو بشكل كبير في الصراع مع الحزب الديمقراطي من قبل النواب اليهود الجمهوريين.
وبيَّن برنياع أنَّ الاستقبال الجمهوري غير المسبوق لنتنياهو والخطاب الذي سيلقيه أمام مجلسي النواب والشيوخ، قد يهدد تأثير اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة كون غالبية اليهود هم من مؤيدي الحزب الديمقراطي, موضحًا أنَّ "الآيباك" قوية وتقدم الدعم المالي الكبير لـ"إسرائيل" ولكن عندما تصبح بلا جمهور فإنَّ هذه القوة والتأثير سيتراجع.
وكان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ألقى خطابًا أمام المؤتمر السنوي للجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة
"آيباك"، وقال فيه إنَّ العلاقات بين البلدين "أقوى مما كانت من أي وقت مضى".
وحاول نتنياهو الاثنين تهدئة الأجواء مع البيت الأبيض، وذلك قبل يوم من خطابه أمام جلسة مشتركة في "الكونغرس" لمجلسي الشيوخ والنواب، وهو الخطاب الذي أثار ضجة سياسية، ويتوقع أن يقاطعه كثير من الديمقراطيين، بما فيهم نائب الرئيس جو بايدن.
وأكد بنيامين نتنياهو خلال الخطاب أنه يكن "الاحترام للرئاسة وللرئيس الأميركي بارا) أوباما". وجاء ذلك بعد أن أثار غضب البيت الأبيض لعدم تنسيقه مع أوباما زيارته إلى واشنطن، منسقا مع الحزب الجمهوري المعارض ليلقي الخطاب المثير للجدل.
وكان الخطاب مقدمة للخطاب الذي من المرتقب أن يلقيه أمام الكونغرس، والذي كرس للحديث عن "أمن إسرائيل" وانتقاد الاتفاق الدولي المرتقب مع إيران، من دون أي تطرق إلى فلسطين أو عملية السلام.
وبيّن نتنياهو أنَّ "أخبار تراجع العلاقة الإسرائيلية الأميركية ليست فقط سابقة لأوانها، بل هي كذبة أساسية"، غير أنه نوه في خطابه إلى أنه يرتاب بشدة من جهود الرئيس الأميركي أوباما للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، لافتًا إلى خوف "إسرائيل" من أن الولايات المتحدة وشركاءها مستعدون لمنح إيران فرصة تخطي أعتاب تطوير سلاح نووي.
وأكد أنَّه سيتحدث "في وضوح" أمام الكونغرس، حول تهديدات إيران النووية، وأضاف "اسمحوا لي أن أوضح ما هو الغرض من ذلك الخطاب. ليس الغرض من خطابي هو إظهار أي عدم احترام للرئيس أوباما، أو للمكتب المحترم الذي يشغله. لدي احترام كبير للرئيس وللرئاسة".
وأشار إلى قرب "إسرائيل" من إيران، منوهًا بأنَّ وضع بلاده أكثر خطورة من وضع الولايات المتحدة، وأضاف "يشعر القادة الأميركيون بالقلق إزاء أمن بلدهم. لكن، يشعر القادة الإسرائيليون بالقلق إزاء بقاء بلدهم".
ومثلما كان فعل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ استعان برسوم بيانية، عرض رسمًا قال "إنه يصور تدريب وتسليح إيران، ويصور إيفاد إيران للمتشددين إلى 5 قارات، مضيفًا إنَّ "مخالبهم المتطرفة وصلت إلى جميع أنحاء العالم"، مشيرًا إلى الرسم، قائلًا "يوضح هذا ما تفعل إيران في الوقت الحاضر، من دون الأسلحة النووية، تخيلوا ما ستفعل إيران بأسلحة نووية، هذه إيران نفسها التي تعهدت بإبادة إسرائيل بعد أن تصنع أسلحة نووية، تملك إيران الوسائل لتحقيق هذا الهدف. وتفعل إيران ما تقول".
وتابع "كرئيس لوزراء إسرائيل، عندي التزام أخلاقي للتحدث في مواجهة هذه المخاطر، بينما ما يزال هناك متسع من الوقت لتفاديها".
بالإضافة إلى نتنياهو، خاطبت المؤتمر، الذي يستمر أربعة أيام، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور، وأكدت قوة العلاقات بين البلدين، رغم الخلافات الواضحة بين البلدين.
ومن اللافت أنَّ أوباما ونائبه بايدن ووزير خارجيته كيري لم يحضروا مؤتمر آيباك الذي عادة ما يستقطب كبار المسؤولين الأميركيين؛ لكن باور شدَّدت على قوة العلاقات، مشيرة إلى تصويت الولايات المتحدة في الأمم المتحدة لصالح "إسرائيل" مرة تلو الأخرى.
واستطردت "إنَّ هناك "اختلافات" حول إيران؛ لكن لن تنتهي أبدا التزاماتنا نحو إسرائيل، لن تغرب شمس العلاقات الأميركية الإسرائيلية أبدا".
وقدَّم مسؤولون أميركيون تقييمًا مبهمًا بشأن المرحلة التي وصلت إليها المفاوضات مع إيران والتي تشارك فيها روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وحددوا نهاية حزيران/ يونيو المقبل مهلة للتوصل إلى تسوية مفصلة نهائية.
ومن سويسرا، نبَّه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بهدوء "إسرائيل" إلى ضرورة عدم إضعاف المفاوضات النووية مع إيران التي استؤنفت أمس الاثنين.
وأجرى كيري الذي كان يتحدث إلى الصحافيين في جنيف توازنا دقيقا بين الدفاع عن "إسرائيل" أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي تتهمه واشنطن منذ فترة طويلة بالانحياز ضد "إسرائيل" والإشارة إلى أنه ينبغي على "إسرائيل" عدم تقويض الجهود الدبلوماسية.
وقال كيري للصحافيين في جنيف فيما بدا أنها إشارة إلى كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المرتقبة، في الكونغرس، "نحن قلقون من التقارير التي تفيد بأن تفاصيل منتقاة للمفاوضات الجارية سيجري مناقشتها علنا في الأيام المقبلة".
وأضاف كيري "أود أن أقول بوضوح بأن عمل ذلك سيزيد من صعوبة الوصول إلى الهدف الذي تقول إسرائيل والآخرون بأنهم يشتركون فيه من أجل الحصول على اتفاق جيد، أمن إسرائيل هو في صدر اهتمامنا من بين جميع الأمور، ولكن في واقع الأمر هذا الشيء ينطبق على أمن جميع الدول الأخرى في المنطقة. والشيء ذاته بالنسبة لأمننا في الولايات المتحدة".
ويقول نتنياهو بأنه يخشى أن تؤدي الجهود الدبلوماسية التي يجريها الرئيس باراك أوباما بشأن إيران والتي هدفها إبرام اتفاق إطار في نهاية الشهر الجاري إلى السماح لإيران بتطوير أسلحة نووية. ويستبعد مسؤولون أميركيون مثل هذه النتيجة من أي تسوية تعقب المفاوضات.
ومن خلال جولته هذا الأسبوع في سويسرا والمملكة العربية السعودية وبريطانيا سيتجنب كيري أن يكون موجودا في واشنطن حيث يتوقع أن يوجه نتنياهو انتقادات جارحة في الكونغرس للاتفاق النووي الذي يتبلور.
ويهدف نتنياهو بالأساس إلى تحذير المشرعين الأميركيين من مخاطر اتفاق مع إيران والإبقاء على إمكانية تمرير الكونغرس مزيدا من العقوبات وهي خطوة يقول نقاد بأنها يمكن أن تخنق المفاوضات وتثير مخاطر اندلاع حرب.
وقال كيري للصحافيين قبل التوجه إلى مونترو، "حققنا بعض التقدم لكن ما زال أمامنا طريق طويل نقطعه والساعة تدور". وأضاف: "سنعرف إن كانت إيران مستعدة أم لا لاتخاذ اختيارات صعبة ضرورية"، مضيفًا "إنَّ المكون الأساسي سيكون عبارة عن نظام تفتيش دولي صارم للتأكد من أن إيران لا تسعى إلى صنع أسلحة نووية مضيفا أن طهران لديها المعرفة بالفعل لصنع المادة الانشطارية".
واستأنف "لا يمكنك أن تلقي بالمعرفة إلى غياهب النسيان"، موضحا: "المسألة هي هل يمكنك أن تقدم مستوى كافيا.. من عمليات التفتيش الصارمة والمتطلبات القاسية والقيود وكل الرؤى الضرورية لكي تتمكن من معرفة، بدرجة من اليقين، أن البرنامج سلمي".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر