تلقى العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الاثنين، اتصالًا هاتفيًا من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، جرى خلاله تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطورات الأحداث عربيًا وإقليميًا.
وأقرّت دول مجلس التعاون الخليجي عودة سفراء المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين إلى العاصمة القطرية الدوحة، وفتح صفحة جديدة في العلاقات الخليجية، وإنهاء الخلافات مع قطر، مع التزام الدوحة بتنفيذ اتفاق الرياض الذي أقرّ عبر وزراء خارجية دول المجلس في وقت سابق، مؤكدين عقد القمة الخليجية الشهر المقبل في الدوحة، كما هو مقرَّر لها من قبل.
وفيما رحبت الدوحة بمبادرة الملك عبدالله، ودعوته إلى اجتماع الرياض الذي أسفر عنه تعزيز مسيرة التعاون والتكامل الخليجي، وإقرار عودة السفراء، ثمنت "الخارجية" القطرية، حرص الملك على الوصول إلى النجاح الذي يلبي تطلعات شعوب دول الخليج.
كما أعلنت "الخارجية" السعودية عودة السفير السعودي إلى الدوحة ومباشرته أعماله.
واستقبل العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في قصره في الرياض، مساء الاثنين، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وأمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وملك مملكة البحرين، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وفي بداية الاستقبال، رحّب عبدالله بن عبدالعزيز بقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وعقب ذلك، عقد عبدالله بن عبدالعزيز وإخوانه القادة اجتماعًا جرى خلاله بحث عدد من المواضيع التي تهم دول مجلس التعاون الخليجي.
وفتحت قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الاستثنائية التي عقدت، الأحد الماضي، في الرياض، صفحة جديدة في العلاقات بين دول مجلس التعاون، ستكون مرتكزاً قويًا لدفع مسيرة العمل المشترك والانطلاق بها نحو كيان خليجي قوي ومتماسك، لاسيما في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة وتتطلب مضاعفة الجهود والتكاتف لحماية الأمن والاستقرار فيها، وقررت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين عودة سفرائها إلى دولة قطر.
وأعلن بيان ختامي صدر عقب القمة، التي ترأسها الملك عبدالله بن عبد العزيز، إنه تمّ التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي يصب في وحدة دول المجلس ومصالحها ومستقبل شعوبها.
وجاء نص البيان الذي صدر، مساء الاثنين، عقب الاجتماع الذي عقده الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كالتالي: "تم التوصل إلى اتفاق الرياض التكميلي الذي يصب في وحدة دول المجلس ومصالحها ومستقبل شعوبها، ويعد إيذانًا بفتح صفحة جديدة ستكون، بإذن الله، مرتكزًا قويًا لدفع مسيرة العمل المشترك والانطلاق بها نحو كيان خليجي قوي ومتماسك، لاسيما في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة وتتطلب مضاعفة الجهود والتكاتف لحماية الأمن والاستقرار فيها، وبناء عليه فقد قررت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين عودة سفرائها إلى دولة قطر، ونسأل الله أنَّ يحمي دول المجلس من كيد الكائدين، وأنَّ يديم عليها الأمن والاستقرار والرخاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه".
وبدت أوساط سياسية، خليجية وعربية، على درجة من التفاؤل، نظير تسوية الخلاف الخليجي القطري؛ إذ عدّ عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الدكتور عبدالله العسكر، في حديث إلى "الوطن"، أنَّ مثل هذا التكتل من المفترض ألا يقبل ما أسماه "النشاز في السياسة"؛ لأن ذلك سيكون عاملاً مؤثرًا "سلبيًا" على وحدته.
وفيما رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الدكتور عايد المناع أنَّ "الدوحة لديها النية لأن تعدل عن مواقفها السابقة"، دون أنَّ يحسب ذلك ضعفًا، أو خضوعًا منها، أكد مساعد الأمين العام لمجلس التعاون، الدكتور عبدالعزيز العويشق، أنَّ ما تشهده المنطقة من أحداث متسارعة، دفع الجميع للاصطفاف والتعاون لا الفرقة.
كما أكد عدد من الخبراء المصريين أنَّ اجتماع قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد في الرياض، بناء على دعوة من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، سيكون له أثره في طي عدد من الخلافات العربية.
وذكر مساعد وزير الخارجية السابق، والقيادي في التيار الشعبي، السفير معصوم مرزوق، إنَّ "القمة يمكن أنَّ يكون لها أثرها الإيجابي في عدد من الملفات، على رأسها ملف العلاقات الخليجية- الخليجية، وهو ما عكسه قرار عودة سفراء المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين إلى قطر، بعد نحو 8 أشهر من سحبهم من الدوحة رسميًا، ما يعني أنَّ لديهم الأسباب والدوافع لذلك، التي ربما يكون منها تعهد القطريين بعدم التدخل في الشأن الداخلي لدول الخليج"
وأضاف: "أما بالنسبة إلى ملف العلاقات بين القاهرة والدوحة، فإنَّ موقف مصر واضح منذ البداية؛ حيث أكدت في أكثر من مناسبة أنَّ هناك علاقات مشتركة تربطها مع قطر، ولو غيّرت الدوحة سياستها تجاه مصر، فإنَّ القاهرة بدورها لن تمانع في عودة العلاقات بين البلدين".
فيما أكد رئيس اتحاد الغرف التجارية في مصر، أحمد الوكيل، إنَّ "اجتماعات الرياض من شأنها أنَّ تهدئ التوترات والخلافات العربية، لاسيما أنَّ الفترة المقبلة ستشهد مشاركة رئيس غرفة قطر، في المؤتمر الـ16 للمستثمرين العرب، الذي يأتي بعنوان "الاستثمار في مصر الاستثمار في المستقبل"، المقرّر له يوما 23 و22 من الشهر الجاري في القاهرة، وهي خطوة جيدة جاءت في توقيت كانت وتيرة العلاقات بين البلدين تسير في الاتجاه المعاكس".
وأكد عضو المجلس الرئاسي لائتلاف الجبهة المصرية، ناجي الشهابي، ترحيبه بتنقية الأجواء بين الدول العربية، لاسيما بين دول مجلس التعاون الخليجي، مضيفًا أنَّ "قمة الرياض يمكن أنَّ يكون لها مردود إيجابي على مجمل العلاقات العربية، ويجب أنَّ تتبعها الدعوة إلى الوحدة العربية والعمل العربي المشترك، وأنَّ تتضامن كل الدول العربية معًا لمواجهة الأخطار التي تهدد الأمة العربية".
وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير حسين هريدي، إنَّ "قمة الرياض فتحت آفاقًا أمام استئناف مسيرة مجلس التعاون الخليجي، كما اتفق عليه منذ إنشائه العام 1981، كما أنَّ من أهم إيجابيات انعقاد قمة الرياض عودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى الدوحة قبل انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي المقبلة، وهي خطوة جيدة للشعوب العربية ولمصر خاصة، لا سيما أنَّ الدوحة تجاوبت بشكل إيجابي مع مطالب السعودية والإمارات والبحرين، وكلها دول تتبنى مواقف داعمة لمصر، وبالتالي فإنها يمكن أنَّ تصب في مصلحة تهدئة الأجواء بين مصر وقطر".
وبدوره، ارتأى المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير بدر عبدالعاطي، أنه من المبكر الحديث عن تداعيات عودة سفراء دول الخليج إلى الدوحة على مجريات العلاقات المصرية القطرية، مضيفًا أنَّ "القاهرة ليس من حقها التعليق على هذا الأمر، فهذا شأن دول الخليج، ومن الصعب القفز إلى نتائج في الوقت الحالي، فيما يتعلق بتأثير عودة سفراء دول الخليج في العلاقات بين مصر وقطر، ودعونا نتابع الأمر على أرض الواقع".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر