تورونتو - وكالات
قال هربرت كروكيت إن والده الراحل اقترح الاستثمار في شيء يمكنه لمسه، لذلك استثمر في أحدث مشروع فندقي للمليادير «دونالد ترامب» في مدينة تورونتو الكندية، حيث يمكنه أن يستشعر الرخام تحت قدميه. وقال كروكيت، مدير الموارد البشرية بمنظمة الصحة العالمية المتقاعد من منصبه والبالغ من العمر 75 عاما، إنه اشترى جناحا فندقيا في برج وفندق «ترامب» العالمي في تورونتو بسعر 904 آلاف دولار كندي (918 ألف دولار أميركي)، منجذبا لعرض أظهر أنه يمكنه جني عائد بنسبة 27 في المائة سنويا من هذا الاستثمار. والآن، يقاضي كروكيت شركة «ترامب» ومطوري الفندق على مبلغ قيمته 2.6 مليون دولار كندي، ويقول إنه يخسر مبلغا قيمته 7 آلاف دولار كندي شهريا؛ لأن الوحدة التي يؤجرها لا يتم شغلها سوى لربع الوقت فقط، وفقا لتقرير مطول نشرته وكالة بلومبيرغ عن العقارات في كندا.
«لقد استثمرنا في اسم (ترامب)، وقيل لنا إن هناك سوق عقارات رائجة في تورونتو لهذا النوع من المشروعات»، هذا ما قاله كروكيت في مقابلة أجريت معه. ويضيف: «تبين أن الفندق غير ذي صلة به، وأنه ليس استثمارا جيدا على الإطلاق».
ويقول كروكيت: «تتمثل المشكلة القانونية المحتدمة في الإشارة الأخيرة الدالة على أن ازدهار سوق العقارات في مدينة بها عدد من ناطحات السحاب قيد الإنشاء يفوق أي مدينة أخرى في العالم ربما تكون مقلقة تماما مثل انخفاض حجم المبيعات وزيادة الأسعار». ويذكر أن وزير المالية الكندي، جيم فلاهرتي، شدد قوانين قروض الرهون العقارية في يونيو (حزيران) وانتقد «البناء المستمر من دون قيود» للمباني ذات الملكية المشتركة. وأشار البنك المركزي الشهر الماضي إلى أن الرقم القياسي الذي سجلته ديون المستهلكين وفرصة حدوث إصلاح مفاجئ في الإسكان خطران أساسيان يهددان الاقتصاد.
ويقول جون أندرو، أستاذ العقارات بجامعة كوين في كينغستون باونتاريو، في محادثة عبر الهاتف لوكالة بلومبيرغ: «حينما يشتري الناس وحدات سكنية كمجرد استثمار وليس للإقامة فيها بشكل دائم، تكون هذه إشارة دالة على أن سوق تورونتو في وضع خطير». ويضيف: «سوق العقارات الفاخرة دائما ما تستشعر أوجه الخلل في سوق الإسكان أولا. هنا، لدينا مؤشر سلبي».
أطول مبنى ويعاني برج «ترامب» في تورونتو، أطول مبنى سكني في كندا لدى افتتاحه في يناير (كانون الثاني)، من تدني نسبة الإشغال، ويعجز سكانه عن الحصول على التمويل الذي وعدوا به، يقيم نحو 24 مشتريا دعاوى قضائية ضد مؤسسة «ترامب أورغانيزيشن» والمطور العقاري للبرج «تالون إنترناشيونال ديفيلوبمنت كوربوريشن».
لم يشارك دونالد ترامب في بيع العقارات، على حد قول ألان غارتين، وهو مستشار قانوني شخصي لمؤسسة «ترامب أورغانيزيشن» المندمجة الكائنة في نيويورك. وقال في رسالة بريد إلكتروني: «هذه الاتهامات عارية تماما عن الصحة. «ترامب» لم تشارك في عملية البيع والمطور العقاري (تالون)، لم يقدم أي عروض للمشترين فيما يتعلق بعائد الاستثمار».
ظهر الملياردير دونالد ترامب في مادة إعلانية لبيع الأجنحة الفندقية، وظهرت صورته وتعليقات تثني على المبنى في إعلانات بمجلة أبرزت إمكانات الاستثمار في هذه الأجنحة الفندقية. قام ببيع حقوق استخدام اسمه وعلامته التجارية عبر «ترامب ماركس إل بي»، شركته التي تملك علامة «ترامب»، للفندق. وحضر افتتاح البرج في أبريل (نيسان). ورفض دونالد ترامب التعليق عبر محاميه.
«نجاح لا يصدق» «نحن نتطلع إلى الاستمرار في تحقيق النجاح الساحق في برج وفندق (ترامب العالمي)»، هذا ما قالته إيفانكا ترامب، نائب المدير التنفيذي لقسم التطوير وعمليات الاستحواذ بمؤسسة «ترامب أورغانيزيشن» في تصريح عبر البريد الإلكتروني. وأضافت: «فريقنا يكرس جهوده لتقديم خدمة على مستوى عالمي، ولا تتوفر سبل الراحة والمتعة سوى في عقارات شركة (ترامب هوتيل كوليكشن)».
«حقق الفندق نجاحا لا يمكن تصديقه»، هذا ما قاله غارتين، مشيرا إلى تصنيف الماسات الأربع الذي منح لمطعم الفندق من قبل جمعية صناعة السيارات في كندا والموقع الإلكتروني «TripAdvisor.com»، حيث يحتل فندق «ترامب» المرتبة الأولى في المدينة. لم يقدم «غارتين» و«تالون» بيانات تتعلق بنسبة إشغال الفندق.
ويقول كروكيت، الذي يقيم في كروزيت بفرنسا، إنه «ضحية نظام استثمار ومؤامرة تقوم على البيانات الكاذبة الطائشة والقاصرة»، بحسب تصريحه حول دعوى قضائية تم رفعها في المحكمة العليا بأونتاريو يوم 5 ديسمبر (كانون الأول). كان المطور العقاري قد وعده بعائد استثمار تتراوح نسبته ما بين 5 و27 في المائة، وبأن وحدة الفندق ستكون استثمارا آمنا يدر تدفقا نقديا سنويا، وأن بإمكانه تأمين الحصول على تمويل بسهولة، على حد قوله. ولم تتحقق أي من هذه التوقعات، وتجنبت «تالون» أسئلته التي أرسلها عبر البريد الإلكتروني وفي مكالمات هاتفية، على حد قوله.
من جانبه يقول جواد حيدري، المدير التنفيذي لمكتب المحاماة «حيدري هاملتون» الذي يمثل كروكيت و20 مستثمرا آخرين يقاضون المطور العقاري ومؤسسة «ترامب»: «إنهم ليسوا مستثمرين محنكين». وأبرمت صفقة البيع مع شركة «تالون إنترناشيونال» الكائنة في ماركهام، وهي شركة التطوير العقاري. وبحسب اتفاقية الشراء والبيع، المستند الذي وقع عليه مشترون، يرأس الشركة الرئيس التنفيذي فال ليفيتان، ورئيس مجلس الإدارة، أليكس شنايدر، الذي احتل المرتبة الثالثة والأربعين ضمن أغنى الكنديين بصافي ثروة قيمتها 1.5 مليار دولار كندي العام الماضي في قائمة مجلة «كناديان بيزينس» لأغنى مائة شخص. تقوم شركة «تالون» بتسويق وبيع وإدارة تمويل الوحدات السكنية، وتعتني شركة «ترامب تورونتو هوتيل ماندجمنت كوربوريشن» بالأجنحة الفندقية.
وتبرز وثيقة عائد الاستثمار التي تم عرضها للمشترين المرتقبين، العائدات المحتملة بناء على معدل إشغال يتراوح ما بين 55 إلى 75 في المائة. وتوجد عبارة أسفل الوثيقة نصها: «هذا ليس برنامج استثمار مضمونا». كما تبرز وثيقة أخرى وقع عليها مشترون تعرف باسم «بيان كشف الحقائق» مخاطر شراء جناح فندقي، بما فيها المنافسة من جانب فنادق فاخرة أخرى، ووفرة المعروض من الغرف بشكل دوري والانكماش الاقتصادي.
ويعتبر «ترامب تورونتو» مشروعا يتألف من 65 طابقا من 118 شقة تقليدية، و261 جناحا فندقيا من دون مطابخ. ويملك المشتري خيار تأجير وحدة الفندق لضيوف عبر برنامج حجز. ويقول أندرو من «كوينز»: «هذه الأنواع من التطويرات متخمة بالمشكلات». ويضيف: «تعتبر الشقق الفندقية من أكثر أنواع العقارات المحفوفة بمخاطر جسيمة في قطاع الاستثمار التجاري. عليك بحق أن تفكر بشأن حجم السوق المتاح لذلك في تورونتو».
وتبدأ أسعار الأجنحة الفندقية، التي يستطيع الضيوف فيها مشاهدة تلفزيون مثبت في مرآة الحمام ويدمع فيها يوميا حرف «T» كبير كاختصار لكلمة «ترامب» على أوراق التواليت، من سعر 967 ألف دولار كندي لوحدة مساحتها 571 قدما مربعا. وتصل الأسعار إلى 3.1 مليون دولار كندي لوحدة تضم غرفتي نوم مساحتها نحو 1600 قدم مربع. ويتراوح سعر الوحدات السكنية الفندقية ما بين 2.3 إلى 6.6 مليون دولار كندي، ويملك شنايدر وحدة «شقة الطابق العلوي الممتازة»، الأعلى ثمنا في المبنى.
يقول ليفيتان بشركة «تالون» وهو يجلس في مقعد بذراعين من الجلد العاجي في أحد أكبر الأجنحة في مواجهة بحيرة أونتاريو: «حينما اقتحمنا السوق، نظر إلينا باعتبارنا مرتدين ورعاة بقر». وحينما افتتحت سلسلة فنادق فاخرة أخرى: «دعمت نموذج عملنا». ولم يمكن بيع وحدات الإسكان الفندقي كاستثمار، على حد قوله. تقوم البنوك والشركات بشراء وحدات الإسكان الفندقي لإسكان موظفيها ممن يكونون في رحلات عمل، ويقوم المواطنون المحليون في أكبر مدن كندا بشرائها كمسكن مؤقت، بحسب ليفيتان. وينكر اتهامات الدعوى القضائية، قائلا إنها مسألة تتعلق بـ«الندم من جانب المشتري» وإنها تعكس «قرارا بفسخ التعاقد».
وبيعت نسبة 80 في المائة من الأجنحة الفندقية، المزودة بألواح شوكولاته تتخذ شكل سبائك ذهب مزينة باسم «ترامب»، بينما تم بيع نسبة تزيد على 60 في المائة من الوحدات السكنية الفندقية، حسبما أفادت «دوريندا ماكنيل» المتحدثة باسم «تالون» في رسالة بريد إلكتروني. وتعتبر كل الأجنحة الفندقية التي لم يتم بيعها مملوكة لشركة «تالون». ويقول ليفيتان، وأطراف أكمامه الحمراء تلمس طاولة مغطاة بالزجاج: «بإمكان السوق التعامل مع ألف غرفة أخرى في محيط الغرف الفندقية الأخرى».
ومن المتوقع أن تشهد سوق إسكان تورونتو انخفاضا في الطلب لا يؤدي إلى ركود اقتصادي، بحسب بنك «نوفا سكوتيا»، ثالث أكبر بنك في الدولة. من المنتظر أن ينخفض الطلب العام المقبل، مع تقليل المشترين الأجانب والمحليين حجم مشترياتهم، الأمر الذي يمكن أن يقلص حجم المبيعات والأسعار في أسواق مثل «تورونتو»، بحسب كبير الاقتصاديين بالبنك، أدريان وارين.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر