سلام عمر في قمر من حديد
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

سلام عمر في 'قمر من حديد'

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - سلام عمر في 'قمر من حديد'

ينتمي الرسام العراقي سلام عمر (مقيم في بيروت بعد اقامات قلقة في الدوحة ودمشق) الى فئة من الرسامين لا تظهر كثير اهتمام بالتشبه بالواقع، من غير أن تخفي رغبتها في التماهي مع الطبيعة باعتبارها مصدر الهام. ولأن هذا الرسام لا يقلد الواقع ولا يستلهمه فما من شيء في رسومه يمكن أن يقودنا الى الخارج، خارج اللوحة، الا في حدود ضيقة، تفرضها المواد المستعملة، التي هي مواد مجلوبة من الطبيعة.في أعماله التي غالبا ما تزاوج بين النحت الجداري والرسم ينبعث الجمال فجأة أمامنا باعتباره صنيعة ذاته. الفكرة التي تستسلم لإرادتها المستقلة. أشياء متقنة الصنع نراها ونُبهر بها كما لو أنها قد انبثقت أثناء لحظة النظر، من غير أن تمهد لظهورها. لذلك يعنى سلام عمر (1960) بالتقنية، من جهة المهارة، وهو ما تعلمه من حرفته الاولى حفارا (رسام كرافيك). التقنية بالنسبة له هي الحل الذي يتيح له احتواء المادة والتحايل عليها واللعب بعناصرها وتقديمها بطريقة تزيح عنها شروط طبيعتها القديمة وأشكالها المكرسة بصريا. في إمكانه أن يزعم أنه لا يرى العالم إلا من خلال أعماله، وعليك أن تصدقه. هذا رسام تكمن قوته في ادائه الشخصي، لا في مصادر الهامه. "من أين تنبعث تلك الاشكال؟" لا بد أن يتساءل المرء وهو يرى أشكالا تنحو منحى طبيعيا، غير أنها ليست من الطبيعة بشيء ولا تذكر بها. غالبا ما يستأنف عمر الرسم من لحظة تحول اسلوبي، لا لشيء إلا لأنه في كل مرة يحاول الرسم فيها يكتشف أن أداءه كان قاصرا عن اللحاق بخياله، الذي ينتمي في جزء عظيم منه إلى خيال الطبيعة. لذلك فإن الرؤى البصرية التي تنطوي عليها رسومه غالبا ما تكون نتاج ذلك الحس المغامر الذي يملي عليه شروط التحدي والمواجهة مع الطبيعة ومن خلالها في الوقت نفسه. لا يرسم سلام عمر ما يراه جميلا، بل ما يراهن على أنه سيكون كذلك حين ينتقل الى سطح اللوحة. يمكنه ان يقول دائما ان خزانة الرسم لم تفرغ بعد. هناك لقى كامنة في مكان ما يسعى الرسام الى التقاطها. من وجهة نظره فان هناك دائما حلولا جمالية متجددة لما يكون مستعصيا من صلة، صارت تلتبس وتتعقد بين الرسام والعالم المحيط. حلولا يخترعها الرسام في مختبره. سيكون علينا والحالة هذه أن نتحدث عن أعمال فنية مختبرية. ومن هنا تنبعث تلك الصرامة التي تتميز بها تلك الاعمال. صرامة تفرضها التقنية على الحواس لتحضر مشدودة ومتوترة، من غير أن ترهن خواصها لأي نوع من التلوين الغنائي أو الزخرفي. أحيانا يكرر سلام عمر مفرداته، غير أنه يعمد إلى تدمير ذلك الوهم البصري الذي ينتج عن التكرار. يضرب الايقاع في لحظة غير متوقعة، بما يجعل حركة الأشكال تخف إلى درجة التلاشي. ربما لانه يكره الرتابة التي تميل إليها العين تلقائيا وتستجيب إلى نتائجها الجمالية. ولأن أشكاله لا تسعى إلى تبرير وجودها جماليا، فإنه غالبا ما يفاجئنا بأشكال تقاوم طبيعتها الانسيابية.لا يضع هذا الرسام وحداته على سطح اللوحة بناء على الحاجة التصويرية لذلك السطح، بل تظهر تلك الوحدات استجابة لحاجة داخلية تمليها رغبة الرسام في خلق فضاء تعبيري مختلف.سلام عمر في كل مرحلة من مراحله الفنية هو سواه دائما. الرسام الذي انتقل من التجريد البارد إلى رسوم الأيقونات ومن ثم إلى مقاربة الطبيعة من خلال استعمال موادها المباشرة هو رجل تحولات، مزاجه الشخصي المضطرب يقود إلى تنوع لا حصر له في الأشكال كما في التقنيات ومن خلالهما في المواد والخامات. في سلسلة أعمال الاخيرة التي تحمل عنوان "قمر من حديد" يملي الرسام على المشاهد رؤية جديدة للفضاء، باعتباره مرآة لما يجري تحت الأرض.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلام عمر في قمر من حديد سلام عمر في قمر من حديد



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 01:06 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

إليك أفضل 7 وجهات سياحية للسفر في شباط خلال 2020

GMT 01:10 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة ياسمينا المصري توضّح أن الجمهور أنصفها

GMT 02:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلان عن طائرة نفاثة خاصة أسرع من الصوت

GMT 11:04 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم “ذا روك” في تنزانيا لعشاق الغرابة والأكل البحري

GMT 03:24 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

استطلاع يكشف مدى دعم الأميركيين لقرار اغتيال سليماني

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

كلوب يتحدث عن جائزة أفضل لاعب أفريقي المحصورة بين صلاح وماني

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya