الرسم وسيلة أطفال سورية للهروب من الحرب
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

الرسم وسيلة أطفال سورية للهروب من الحرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - الرسم وسيلة أطفال سورية للهروب من الحرب

دمشق ـ وكالات

يهرب الأطفال من عالم الواقع إلى عالم الخيال والرسوم، وفي أيام الحرب يعكس الرسم ما شاهد الطفل من مآسي. صفا فاقي فتاة عشرينية سورية تعلم أطفال الحرب في مخيمات اللاجئين كيف يعبرون عن دواخلهم من خلال رسومهم.تعيش صفا فاقي البالغة من العمر 23 عاماً منذ سبعة أشهر في قرية عتمه شمال سوريا والتي تقع قرب الحدود التركية. كان عدد سكان القرية أربعة آلاف شخص قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، أما اليوم فقد تجاوز العشرين ألفا. الكهرباء تصل القرية كل ساعتين فقط، هذا الأمر يؤثر على طبيعة حياة عائلة صفاء. فدرجات الحرارة تنخفض بشدة خلال فصل الشتاء، والحياة دون التدفئة والكهرباء صعبة. ولا شيء غير الحطب كوسيلة للتدفئة. "مثل كل أسرة في سوريا نمتلك في حديقتنا أشجار الزيتون، لكننا بدأنا بقطعها واستخدام خشبها للتدفئة"، تقول صفا، ثم تضيف: "قبل الثورة كان نظام الأسد سيئاً، أما اليوم فقد اخترنا بين الحرية أو الموت".ولدت صفا وترعرت في حلب. وعندما شاهدت التغييرات التي حدثت خلال ما أطلق عليه ثورات "الربيع العربي"، بداية من تونس ووصولاً إلى مصر واليمن ثم ليبيا، كانت صفا تأمل بوصول شرارة هذه الثورات إلى سوريا. لكن احتمال اندلاع ثورة في سوريا كان يقارب المستحيل في تفكيرها. لكن هذا حدث، وعندها شاركت صفا في التظاهرات المطالبة بالتغيير.درس في الهواء الطلقكان من الصعب على والد صفا البالغ من العمر أربعين عاماً أن يغطي نفقات أسرته براتب شهري يصل إلى مائتي يورو فقط. وكان يحزنه مشاهدة شباب يتسلقون مناصب حكومية بشكل سريع ويتلقون رواتب شهرية جيدة بسبب العلاقات. "في البداية خرجنا للشارع رافعين شعار"الشعب يريد إسقاط النظام"، وكنت آمل أن تبقى ثورتنا سلمية، حالها حال ثورتي تونس ومصر". مثلما تقول صفا، لكنها تضيف "شاهدت بأم عيني منذ البداية، كيف بدأ الشبيحة بضرب المتظاهرين، حتى الفتيات منهم. شاهدت القناصة على سطوح المنازل يطلقون النار على المتظاهرين، وعندها لم يعد هناك تظاهر سلمي".بدأ القتال في حلب خلال شهر يوليو/ تموز. فقد تحركت قوات الجيش الحر في المنطقة المجاورة لمنطقة مشد التي تسكنها أسرة صفاء. الجيش السوري من جهته بدأ بالرد واحتدم القتال بينهما. صفاء كانت تصعد على سطح منزل أسرتها لتشاهد نيران القتال التي أضاءت السماء. وفي صباح أحد الأيام أيقظت الأسرة انفجارات قوية حدثت على بعد أمتار قلائل من منزلها. هذا الصباح غير من حياة الأسرة، التي جمعت أغراضها وغادرت إلى منزل الأسرة في القرية.تعيش في هذا المنزل الصغير، أسرة صفا المكونة من والديها وشقيقتها وأشقائها الاثنين وزوجتيهما، وأطفالهم الأربعة. بالإضافة إلى أشقاء أربعة آخرين يعيشون في مكان آخر في القرية. الحياة هنا صعبة بالنسبة لهم، خاصة بالنسبة للأطفال والنساء، إذ لا شيء يملأ عليهم حياتهم في القرية، وهم الذين قد تعودوا على حياة المدينة. في الأيام الأولى كانت أخبار مدينتها تشغل يومها، القتال الدائر هناك وأخبار الناس، لكن الأمر أصبح مملاً بالنسبة لها. والأدهى أنها بدأت تزداد يقيناً أن عودة الأسرة إلى منزلها في حلب لن يكون قريبا أبداً.صفا بين المخيم والقريةفي آب/ أغسطس بدأت القرية تصبح معسكراً كبيراً، فقد بدأ سكان مدينة حمص يعبرون البلاد للوصول إلى هذا المعسكر الذي يؤويهم من القتال الدائر في مدينتهم أيضاً. وفي المخيم اصطدمت صفاء بوضع الأطفال السيئ، فلا شيء يمكنهم اللعب فيه سوى الحجارة. "فكرت ذات مرة بما يمكنني عمله لهؤلاء الأطفال. قررت أن اشتري ألواناً وأوراقاً للرسم واجلبها إلى المخيم"، تقول صفا.ولأن صفا تخرجت من أكاديمية حلب للفنون وتمتلك خبرة في تعليم الأطفال، وهي تعرف طريقة تفكيرهم إلى حد ما، بدأت تذهب للمخيم أربع إلى خمس مرات في الأسبوع. وكان هدفها إخراج الأطفال من مأساة الحرب وصدماتها.كان إقبال الأطفال منذ البداية كبيراً على الرسم، لكن رسوماتهم كانت من أجواء الحرب، فقد بدأوا يرسمون الدبابات والصواريخ وطائرات الهليكوبتر والجثث الملقاة على الطريق، إلا أن درس الرسم ترك الأطفال يعبرون فيه من خلال رسوماتهم عن أفكارهم حول الحرب، ومنحهم شيئاً من المرح، خاصة بعد أن عبروا عما في داخلهم من مخاوف عن طريق الرسم."لن تنتهي الحرب في سوريا قريبا، وأخاف على مصير هؤلاء الأطفال الأبرياء"، هذا ما تقوله صفا، وتضيف: "لا افهم لما لا يساعدنا العالم، لماذا تقف أميركا وأوروبا مكتوفتا الأيدي وتدعان الأسد يحطم سوريا".تحول المخيم من مخيم صغير إلى ما يشبه المدينة الصغيرة، فقد وصل عدد سكانه إلى عشرين ألف شخص. وصفا ما زالت تزور الأطفال كل يوم لتعلمهم الرسم. رسوم الأطفال هذه بدأت تصل كرسالة منهم للعالم. صفا تريد أن يعلم العالم ما يجري في سوريا من انتهاكات لحقوق الإنسان، فالناس يُقتلون وتُدمر والمنازل والمدن. والأطفال شاهدوا وعاشوا أشياء فضيعة لا يجب على الأطفال أن يمروا بها.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرسم وسيلة أطفال سورية للهروب من الحرب الرسم وسيلة أطفال سورية للهروب من الحرب



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 01:06 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

إليك أفضل 7 وجهات سياحية للسفر في شباط خلال 2020

GMT 01:10 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة ياسمينا المصري توضّح أن الجمهور أنصفها

GMT 02:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلان عن طائرة نفاثة خاصة أسرع من الصوت

GMT 11:04 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم “ذا روك” في تنزانيا لعشاق الغرابة والأكل البحري

GMT 03:24 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

استطلاع يكشف مدى دعم الأميركيين لقرار اغتيال سليماني

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

كلوب يتحدث عن جائزة أفضل لاعب أفريقي المحصورة بين صلاح وماني

GMT 12:54 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على مواصفات برج القوس ووضعه في حركة الكواكب
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya