واشنطن ـ وكالات
يتوجه أكبر شراع شمسي إلى منصة الإطلاق في العام المقبل في مهمة لعرض أهمية تقنيات «الدفع من دون طاقة دفع»، عن طريق استخدام الفوتونات الضوئية من الشمس لدفع المركبات عبر الفضاء.
ويبلغ امتداد ضلع هذا الشراع العملاق الذي سمي «صنجامر» Sunjammer، نحو 38 مترا، بمساحة إجمالية تبلغ نحو 1208 أمتار مربعة، أو نحو ثلث مساحة الفدان. وينفذ المشروع برنامج التقنيات الفضائية الخاص بعمل مكتب المشاريع التقنيات الرئيسة في وكالة الفضاء «ناسا»، التي تعاقدت مع شركة «لي غاردي» في مدينة توسن في ولاية كاليفورنيا لتصنيع شراع «صنجامر».
شركة «لي غاردي» ليست جديدة في مضمار مشاريع البناء وتشييد التركيبات والهياكل الفضائية، فقد عملت مع وكالة الفضاء في الكثير من المشاريع، بما فيها إنتاج بنى وهياكل فضائية يمكن نفخها، لا سيما في ما يتعلق بهوائيات الترددات الراديوية والألواح الشمسية. وفي عام 1996 قامت الشركة بإطلاق «تجربة الهوائي المنفوخ» LAE من على متن مكوك الفضاء «إنديفور».
* ويقول ناثان بارنس، كبير مديري «لي غاردي» التنفيذيين، إن العمل في الشراع المذكور لهذا العام يشمل وضع تصميم رئيس، مع القيام باختبارات على الأرض، فضلا عن تأهيل الأجزاء والمكونات. وأشار إلى أن إطلاقه إلى الفضاء الخارجي سيجري نهاية العام المقبل، على متن الصاروخ «فالكون 9» من شركة «سبايس إكس». وسيبتعد الشراع عن الأرض مسافة 1864114 ميلا (ثلاثة ملايين كيلومتر) تقريبا. وستجري خلال الشهرين الأولين من الإطلاق سلسلة من الاختبارات، منها نشر الشراع، وعرض لعملية التحكم بالتوجيه، عن طريق استخدام عنفات مركبة في طرف الشراع، فضلا عن الملاحة الدقيقة، وبالتالي صيانة المركبة وثباتها التجاذبي في الموقع المسمى «نقطة لانغرانج 1 بين الأرض والشمس».
و«صنجامر» ليس المهمة الأولى للشراع الشمسي، فقد أطلقت «ناسا» من قبل «نانو سايل - دي» الذي غطى شراعها مساحة 9.3 متر مربع، في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2010. كما نشر المسبار الياباني «إيكاروس» شراعه الشمسي في يونيو (حزيران) 2010 ليصبح المركبة الأولى التي تطوف في الفضاء بدفع من أشعة الشمس.
ومن الممكن أن يتحول «صنجامر» إلى نظام مسبق للإنذار فيما يخص الطقس الفضائي لكي يوفر تحذيرات دقيقة ومؤقتة عن نشاط التوهج الشمسي. وتقوم الإدارة القومية للجو والمحيطات في أميركا بالتعاون مع «ناسا» و«لي غاردي» فيما يتعلق برحلة العرض المقبلة التي ستصل إلى نقطة، من شأنها أن تؤمن مشهدا جيدا للشمس. فالشراع الشمسي قادر على الوصول إلى مدارات مثيرة تتيح رؤية الشمس من مواقع وزوايا مختلفة لا نستطيع رؤيتها في الأحوال العادية.
* ويمتد الشراع على مساحة تبلغ ربع مساحة ملعب لكرة القدم، ولذا لا تتولد عليه سوى قوة دفع قصوى لا تتجاوز 0.01 نيوتن، أي ما يوازي وزن رزمة سكر صغيرة! وهو مغلف بمادة خاصة من الـ«كابتون» بسماكة خمسة ميكرونات (الميكرون واحد من المليون من المتر) فقط. وقد عمل فريق العمل مع الشركة الكيميائية «ديو بونت» لإنتاجها، وكلما كانت المادة رقيقة، كان ذلك أفضل، فلدى طي الشراع هذا، فإن حجمه لا يتعدى حجم الغسالة الكهربائية بزنة 32 كيلوغراما فقط. وثمة أساليب تقنية للتحكم بالشراع ونشره بشكل ناجح، كما يقول بيلي ديربيس، كبير المهندسين في هذا المشروع. ويبدو أن «ناسا» حريصة على دفع تقنية الأشرعة الشمسية وتعميمها في الرحلات الفضائية المقبلة. وسيشمل ذلك إمكانية جمع الحطام الفضائي الدائر في مدار الأرض وإزالته، إلى جانب التخلص من الأقمار الصناعية التي انتهت مهمتها وإسقاطها، فضلا عن تأمين اتصالات مباشرة مع القطب الجنوبي للأرض.
ويشير بارنز إلى أن هيئات خاصة غير حكومية أو رسمية شرعت تفكر أيضا في استخدام الأشرعة الشمسية لأغراض السياحة والترفيه، بعد سبر إمكانياتها طبعا في هذا المجال.
ومن الاستخدامات الأخرى لأشرعة «صنجامر»، إرسال البقايا والرماد المحترق للمتوفين، إلى الفضاء الخارجي، وهي خدمة تؤمنها شركة «سيليستيس» التابعة إلى شركة «سبايس سيرفيزيس» للطيران والفضاء التي مقرها هيوستن. وسيكون جزء من هذه الحمولة رماد بقايا مخترع مسلسل «ستار تريك» التلفزيوني جين رودنبيري الراحل، وزوجته ماجيل باريت رودنبيري، التي غالبا ما يطلق عليها لقب «السيدة الأولى» لهذا المسلسل الشهير من عالم الخيال العلمي.
ونجاح مشروع «صنجامر» عامل مهم في إطار تمكين القيام برحلات فضائية استكشافية مقبلة التي لا يمكن تحقيقها إلا بواسطة الأشرعة الشمسية، حسب ليس جونسون، المدير المساعد في مكتب الأفكار المتطورة الموجود في مركز «مارشال» للرحلات الفضائية في هانتفيل بولاية ألاباما. فإلى جانب استخدام مثل هذه التقنية لمراقبة الشمس، تدرس «ناسا» استخدامها أيضا لزيارة الكويكبات الصغيرة الشاردة القريبة من الأرض كتلك المسماة NEWs، حسب ما يقول جونسون، الذي يضيف «لقد وجدنا أن مثل هذه الأشرعة ستمكننا من زيارة نحو ستة كويكبات NEWs خلال السنوات الست من إطلاقها. وهذا من الأمور المتعذرة عن طريق الصواريخ ذات الوقود الكيميائي، كما قد لا نستطيع تحقيقها عن طريق الدفع الكهربائي، لكون هذه الأشرعة لا تستخدم وقودا أو طاقة دافعة، بل إنها تستمد قوتها من الشمس، وهذا أمر (أخضر) صديق للبيئة جدا. إن مثل هذه الأشرعة، خاصة العملاقة منها، قد تمكننا في يوم من الأيام، من بلوغ النجوم، فيما وراء مجموعتنا الشمسية».
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر