بغداد ـ وكالات
أبدى الوسط الإعلامي في العراق قلقه من تشريع "قانون جرائم المعلومات"، وقالوا إنه يقيد الحريات الشخصية والتعبيرية من خلال بنوده التي تحتوي على عقوبات تصل إلى السجن المؤبد، كما أنه يتعارض مع الدستور الذي كفل الحرية لوسائل الإعلام.
وأكد متخصصون إعلاميون أن قانون جرائم المعلومات هو عبارة عن قانون العقوبات العراقي 111 لعام 1969، وهو حجر عثرة أمام التواصل مع العالم المتحضر، وإن إقراره يعني المزيد من الفساد المالي والإداري وهدم الديمقراطية في العراق.
وقال وكيل وزارة الداخلية عدنان الأسدي للجزيرة نت إن قانون جرائم المعلومات يهدف إلى منع الإساءة باستخدام المعلوماتية بشكل سلبي يضر بالمجتمع وقيمه، لأن المعلومات وتكنولوجيا المعلومات وسائل حديثة في العراق ولا توجد قوانين تغطي هذا الوضع، لاسيما تلك التي تنظم العلاقة ما بين المستخدم والمنظومة.
وأضاف الأسدي أن هناك جرائم حدثت من خلال استعمال هذه المنظومة، وقسم منها أمني واجتماعي وخلقي، ولذلك عملت وزارة الداخلية -بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء- على إعداد مشروع قانون ينظم هذه العلاقة ويؤطرها، ويضع آلية لمحاسبة من يسيء استعمال تكنولوجيا المعلومات أو المعلوماتية بشكل يضر المجتمع أو الدولة أو الحكومة.
وأكد أن هناك جرائم عديدة تحصل في استخدام هذه الوسائل انعكست على المجتمع العراقي، وبالخصوص قتل الأطفال واغتصابهم، من خلال نقل الحوادث التي تحصل في دول العالم إلى المستخدم العراقي، مبيناً أن القاضي لا توجد لديه مواد قانونية يحكم فيها على المستخدم الذي أساء استخدام شبكة الإنترنت.
مواد منقولة
وقال الباحث والإعلامي أمير جبار الساعدي للجزيرة نت إن القانون هو عبارة عن مواد منقولة من قوانين سابقة مطبقة في الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وإن الغرامات تم نقلها وتحويلها إلى الدينار العراقي من دون مراعاة البيئة والتحول الديمقراطي في العراق.
وأوضح الباحث أن هذا القانون هو عبارة عن حجر عثرة أمام التواصل مع العالم المتحضر بطريقة تقنية وديمقراطية وبحريات وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن مجلس النواب أحسن عندما قرر إيقاف القراءة الثانية ومراجعة القانون مع ذوي الاختصاص، ومنظمات المجتمع المدني والشباب العامل في هذه الأنشطة.
وأكد جبار الساعدي أن جميع مواد القانون تحتوي على عقوبات، ولم يلحظ أي إشارة إلى إيجابيات المعلوماتية واستخدامها وتنمية التواصل مع المجتمع العراقي، وخاصة جيل الشباب الذي أصبح جيل المدونين، والصحافة المتنقلة التي قال إنها ابتعدت عن طور احتكار المعلومة في يد مؤسسات الدولة.
وأوضح الساعدي أن القانون لا يحجم دور مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا أن منافذ الاتصال (الإنترنت وشبكات الهاتف) تمر لحد الآن عبر منافذ دولية، وليس عبر منفذ عراقي خالص، مبيناً أنه عندما تكون باحثا في الشؤون الأمنية فأنت تحصل على المعلومات التي تخص هذا الشأن من خلال المواقع التي تعنى بذلك، إلا أن القانون يجرمك.
"هدم الديمقراطية"
وقال الأستاذ في كلية الإعلام بجامعة بغداد الدكتور كاظم المقدادي إن قانون جرائم المعلومات يعتبر مقيدا للحريات الشخصية وللإعلام بشكل عام، "لأننا اليوم في مرحلة انتقالية من الديمقراطية ونحتاج إلى بيئة وممارسة، ويجب ألا تقيد في بلد دستوري".
وأضاف أن المنظومة الإعلامية الجديدة تحتاج إلى حرية كبيرة وإلى وقت طويل من الممارسة لكسب تجربة لا بأس بها، "لأن الصحافة تتصدى لأخطاء كبيرة وفساد مالي وإداري، فإذا طبق هذا القانون فإنه يعني مزيدا من الفساد والنظام القمعي ووعاظ السلاطين، وهدما للعملية الديمقراطية".
وأوضح المقدادي -في حديث للجزيرة نت- أن القانون لم يتفرع من مواد دستورية، ويعارض الحريات الشخصية وحرية التعبير التي ذكرها الدستور العراقي في المادة "38"، وقال إن هذا ما يستنزف هذه الطاقة من الحرية في البلد، لأن الإعلامي سيتكلم بنصف طاقته بسبب هذا القانون.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر