واشنطن ـ المغرب اليوم
في صيف العام 1993، كانت الأميركية كاثرين هيتينغر تملأ وقت طفلتها باللعب معها وتسليتها من دون أن تنفق مالاً كثيراً. إلا أن أحد أمراض اضطراب المناعة الذاتية أصاب الأم، ولم تعد تستطيع تحريك يديها في شكل طبيعي بسبب ضعف أعصاب جسدها عموماً، وحاولت جاهدة ابتكار شيء يسلّي طفلتها، وبدأت تلصق أشياء ملفوفة بورق الصحف بعضها ببعض لتكوّن طبقات كرويّة، فأسعدت ابنتها بهذه اللعبة البسيطة.
وبعد فترة من الزمن، طوّرت هيتينغر فكرتها إلى أن توصلت إلى ابتكار النسخة الأولى من الـ "فيدجيت سبينّر" التي تحقق راهناً رواجاً كبيراً في كل العالم. وقد حصلت السيدة على براءة اختراع عام 1997، إلا أنها لم تكن تملك المال للمحافظة عليها، وبعد 8 سنوات أي عام 2005، انتهت صلاحية الوثيقة، فما كان من شركات صغيرة وكبيرة إلا أن استغلت ذلك وبدأت تصنيع تلك اللعبة للأولاد، خصوصاً المصابين بأمراض عصبية وقصور الانتباه والتوحد. وعلى رغم ذلك، لم تلقَ الـ "فيدجت سبينّر" رواجاً كبيراً ولم تنتشر عالمياً، بل بقيت محصورة في منطقة أميركا الشمالية.
لكنَّ تغيراً مفاجئاً طرأ على اللعبة البسيطة التي تشبه مروحة مثلثة الأضلاع تدور حول محور دائري، وهو أنه عام 2016 كتب المحرر في مجلة "فوربز" جيمس بلافكا، أن الـ "فيدجيت سبينّر" لعبة يجب أن تكون جزءاً من أدوات المكتب في 2017 لأنها مفيدة جداً للتخلص من التوتر. وبعد ذلك المقال، ازدادت المبيعات عبر الإنترنت لـ "لعبة العام"، واحتلت المركز الأول في موقع "أمازون" ضمن فئة أكثر 20 لعبة مبيعاً. وعلى "يوتيوب" بدأ مشاهير تحميل فيديوات لهم وهم يقومون بحركات ومناورات باللعبة ويتباهون بأفكارهم الأجمل والأغرب، فمنهم من يغزل المثلث بين أصابعه، ومنهم من يحاول دحرجته على الأرض، وثالث يربط لعبتين إحداهما بالأخرى ويحاول غزل المثلثين معاً.
ومثل كل تقليعة جديدة، أصبحت اللعبة موضع جدل واسع على مستوى القارات. وأشار بعض التقارير إلى أنها تساهم فعلاً في التخلص من التوتر، كما أنها تساعد الأطفال المصابين بفرط الحركة في التركيز أكثر على دروسهم أو سواها، وتكون بمثابة مدرّب للمصابين بالتوحد. وأورد موقع "سي أن أن" أن اللعبة جعلت كثراً من مدمني الهواتف الذكية والتطبيقات ينصرفون عن هواتفهم و يدمنونها.
وأفادت تقارير أخرى بأن الـ "فيدجيت سبينّر" هي مجرد لعبة، كما قال المعالج النفسي ستيفن بوس لـ "يو أس نيوز أند ريبورتس"، شارحاً أن ذلك النوع من الألعاب يجب أن يعمل على الإحساس أكثر من النظر، الذي يجب أن يكون مركزاً على الأستاذ أو المعالج. أما الـ "فيدجيت سبينّر" فتشتت النظر، وهذا عيب رئيسي فيها جعلها ممنوعة في بعض المدارس الأميركية، خصوصاً صفوف المراحل الابتدائية.
غزت الـ "فيدجيت سبينّر" بيوتاً كثيرة في أنحاء العالم، وارتفعت شعبيتها بين الأولاد خصوصاً، وبالتالي مبيعاتها، حتى أنها تنفد دورياً من الأسواق فيضطر المنتجون إلى العمل بسرعة أكبر بغية تلبية الطلب. ولكن تبقى اللعبة لعبة، وعلى الأرجح سيكون مصيرها مثل سابقاتها التي بين ليلة وضحاها أصبحت نجمة تضيء المحلات التجارية، وفجأة وُضعت في مخزن معتم لأن نجمة أخرى حلت مكانها على رفوف المحلات.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر