لندن ـ كاتيا حداد
أعرب مُظفَر وخالدة محمود، والدا العروس المتطرَفة أقصى محمود عن أسفهما بعد انضمام ابنتهما إلى تنظيم "داعش" وتحولها من طفلة نموذجية إلى متطرفة إسلامية، حيث شعر الوالدان بالعجز بعد عدم تمكنهما من منع ابنتهما من السفر سرًا للانضمام إلى تنظيم "داعش" في سورية، وأبلغ الزوجان الشرطة بمجرد علمهم بتوجه ابنتهما (21 عامًا) إلى سورية، إلا أنهما زعما بأن الشرطة تأخرت في اتخاذ أي فعل لاعتراض ابنتهما.
داعش""" مظفر وخالدة محمود والدا أقصى محمود" src="http://www.almaghribtoday.net/img/upload/almaghribtodaydcxcc.jpg" style="height:350px; width:590px" />
والتقت أقصى محمود بصحيفة "الديلي ميل" بعد وصولها إلى سورية، بعد أن غردت محمود محاولة جذب المسلمين البريطانيين للانضمام إلى التنظيم المتطرف، وكشف الوالدان كيف استطاع متطرفي "داعش" عبر الأنترنت وتحديدا "عديل الحق" تحويل ابنتهما من فتاة بريئة إلى صوت رئيسي في تنظيم "داعش"، محذرين من إمكانية استخدام الأنترنت لجذب مزيد من الشباب والشابات من مختلف العائلات.
وأوضحت والدة أقصى محمود أنها بدأت تلاحظ علامات التطرف على ابنتها قبل فترة وجيزة من اختفائها، مشيرة إلى أن يوم اختفائها كان من أسوء أيام حياتها، مضيفة "لم أنم هذه الليلة، شعرن أنني أحتضر واستمر زوجي وصهري وكل العائلة في البكاء طوال الليلة، لقد ذهبت ابنتنا ولا أحد يفعل شيء لتوقيفها".
داعش""" صورة لأقصى محمود أثناء طفولتها" src="http://www.almaghribtoday.net/img/upload/almaghribtodaydcxccc.jpg" style="height:350px; width:590px" />
وقال الوالدان كيف اكتشفا استمالة المتطرف "عديل الحق" (21 عاما) لابتهما سرا والمواجهة المثيرة مع المتطرف وعائلته بعد هروب أقصى للزواج من عديل الحق في سورية، وتحدث الوالدان عن الحكم بالسجن على عديل الحق لمدة ست أعوام بتهمة تجنيد "أسيل مثنى" ومساعدته على السفر إلى سورية، وعلمت محكمة أولد بيلي أثناء المحاكمة أنها ساعد في تحويل أقصى محمود إلى فتاة متطرفة عندما كانت تلميذة في سن المراهقة.
داعش"""المتطرف عديل الحق الذى حول أقصى إلى فتاة جهادية متطرفة" src="http://www.almaghribtoday.net/img/upload/almaghribtodaydcxcccc.jpg" style="height:350px; width:590px" />
وبيّن السيد محمود، "أن المتطرفين يتصيدون الشباب الضعفاء الصغار ويقومون بغسل أدمغتهم ثم يحاولون فصلهم عن عائلاتهم بشكل سرى وبالطبع يكون الأمر مثيرا لدى الشباب ولكن بعد فوات الأوان". وبدأت محنة عائلة أقصى محمود عندما اكتشف والدها رسالة نصية مشبوهة من عديل الحق على هاتفها في مايو/ أيار 2013، وانتهى الأمر بعد ستة أشهر بهروب ابنته إلى سورية عبر تركيا، وتخشى العائلة الأن أنهم ربما لا يروا ابنتهم مجددا".
وأضافت والدة أقصى محمود (45 عامًا) من منزلها في غلاسكو، "صدمت عندما قرأت الرسالة ولم أكن أعرف من هذا الشاب وأخبرت والدها وتحدث معه عبر الهاتف وطلب منه ترك البنت وشأنها"، إلا أن التواصل بين أقصى محمود وعديل الحق استمر عبر الأنترنت ووصلت الأمور إلى ذروتها عندما واجهت العائلتان بعضهما البعض في أحد المساجد الإنجليزية".
وتابع السيد محمود " ذهبنا لحضور حفل زفاف في مانشستر عام 2013 وبقيت أقصى في المنزل مع جديها، واتصلت والدتي باكية، وقالت: "أن أقصى ذهبت للقاء هذا الشاب، وصدمنا لأننا كنا في طريق عودتنا إلى غلاسكو، حينها اتصلت بأقصى عبر الهاتف لكنها أغلقت الهاتف بعد أن أخبرتني أنها بخير، ثم اتصل ابنى بعديل الحق بسبب غضبى من الحديث معه لكنه رفض أن يعطينا عنوانه، ثم التقط عمه الهاتف وطلب أن نلتق في المسجد المركزي في "هدرسفيلد"، وعندما وصلت عائلة أقصى كانت الفتاة بالفعل مع عديل وعائلته، وقال والدها "لم أفهم لماذا طلبوا حضورنا إلى المسجد لكنى علمت بعد ذلك أن السبب هو رغبتهم في عدم إبلاغ الشرطة، وكان عديل وقتها عمره 19 عامًا، واستطاع عديل أن يحولها إلى متطرفة ودائما كان ينوى أخذها إلى سورية".
وأخبرت أقصى والديها على عزمها على الزواج من عديل الحق، وقال السيد محمود " كانت كسيرة القلب ولم تلتقي به قبل هذا اليوم، وقلت لها لماذا تتزوجينه وأنت لا تعرفينه وأنتما لا تملكان وظيفة ولديكما دراسة لتكملاها حتى تتخذان مثل هذا القرار، ووافقت أقصى حينها على العودة إلى المنزل".
وعلمت المحكمة أثناء محاكمة عديل الحق وفرهاد رحمن (21 عامًا) وكريستين بريكى (19 عاما) أنه كان جادا ف الزواج، إلا أن الأمر لم يكتمل بعد فرار عروسته، وأضافت والدة أقصى، "بعد عودة أقصى إلى المنزل بكت كثيرا وأخبرتنا أنها فعلت شيء خاطئ، وأدركت حينها أنها على وشك الذهاب إلى سوريا، وأخذت هواتف أبنائي جميعا من الساعة الثامنة مساء وكنت أعطيها لهم فى الصباح وأراقب هاتفها، ولكن الأن علمت أنها كانت تتواصل معه عبر وسائل الاعلام الاجتماعية".
وحاول الوالدان إعادة تأسيس حياة طبيعية لأقصى وشقيقا واثنين من الشقيقات، وكانت الأمور جيدة أثناء وجود أقصى في مدرسة Craigholme الخاصة للفتيات قبل انتقالها إلى السنة السادسة في أكاديمية Shawlands، والتحقت أقصى في جامعة "كاليدونيان" في غلاسكو لكنها أصبحت مهتمة بالسياسة، وأوضحت والدة أقصى "أصبحت تتحدث عن سورية وكانت تبكى عندما تشاهد الأخبار، وأتذكر أنها انفجرت في البكاء بعد أن شاهدت أخبار عن هجوم بالأسلحة الكيميائية".
ولاحظ الوالدان أن لباس ابنتهما أصبح يميل إلى الأرثوذكسية أكثر على الرغم من أن ذلك ليس من تقاليد العائلة، وشعرت والدتها أنها يجب أن توقف هذا التحول عندما طلبت منها أقصى ارتداء النقاب، وبينت والدتها " بالنسبة لى بدت أقصى مهتمة بالدين أكثر من اهتمامها بالحفلات والأولاد، والأن أتسائل عما إذا كان ذلك استعدادا للذهاب إلى سورية".
وسيطر شعور القلق على والدا أقصى في إحدى الأيام التي لم تصل فيها إلى المنزل من الجامعة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وأضاف السيد محمود (52 عاما): " بدأت أشعر بالقلق عندما لم تعود إلى المنزل ولم تجيب على هاتفها وطلبت من شقيقتي الاتصال بوالدة عديل الحق وسؤالها عن أقصى، وأخبرتنا أن أقصى لا تريد البقاء معنا"، واتصل والد أقصى بأحد أصدقائها في الجامعة مهددا باستدعاء الشرطة إذا لم تخبره عن مكان وجود ابنته وبالفعل تأكدت مخاوف العائلة.
وذكر السيد محمود، "أرسلت لي رسالة نصية لتخبرني أن أقصى سافرت إلى سورية، واتصلت ابنة شقيقتي بالشرطة وأبلغت عن اختفاء أقصى لكنهم فقط أرسلوا اثنين من الضباط فقط، وأظهرت لهم الرسالة النصية وبالفعل أكدوا لي سفرها إلى سورية، وأتعجب من وجود وقت كاف لتوقيفا في تركيا إلا أن الأمر لم يتخذ على محمل الجد بما يكفى، وطلبت منهم أن يفعلوا أي شيء حتى أن يسجنوها ويمنعوها عن السفر وتكون في أمان، وما زلت أذكر كلماتهم: إنها بالغة فوق عمر 18 عاما ولا يمكننا إيقافها ويمكنها الذهاب إلى أي مكان، وغادر الضباط بعد ساعة واحده، سأقضى طيلة حياتي أتمنى لو أنهم حاولوا فعل شيء، لقد كانت أسوء ليلة في حياتي، وفى اليوم التالي الساعة الـ 10 صباحا جاء إلينا العديد من الضباط بملابس مدنية لأخذ أقوالنا".
وعلمت أسرة أقصى أنها تزوجت من أحد مقاتلي "داعش" بعد سفرها إلى سورية، وأصبح لها دور بارز في شرطة الخنساء النسائية في الرقة التي تتولى تنفيذ الشريعة الإسلامية. حيث ذهل والداها عندم شاهدوا منشوراتها على "تويتر" باسم، "أم الليث" بما في ذلك قصيدة تمدح مذبحة الشاطئ التونسي التي أسفرت عن مقتل 38 شخصا، كما حثت المسلمين الذين لم يتمكنوا من السفر إلى سوريا بارتكاب فظائع متطرَفة الداخل مشيدة بقتل الجندي "لى ريجبى" فى لندن وتفجير ماراثون بوسطن.
وأفادت الأجهزة الأمنية بانضمام 600 مسلما بريطانيا إلى "داعش" في سوري بينهم 60 امرأة شابة، وتعرضت شركات وسائل الاعلام الاجتماعية لضغط مكثف من الحكومة الأميركية والبريطانية لاتخاذ موقف أكثر تشددا لإغلاق الحسابات المتصلة بالجماعات المتطرفة. واتهم عديل الحق وبريكي ورحمن بالتحضير لأعمال متطرفة في حين أدين عديل الحق بتهمة تمويل أعمال متطرفة، فيما زعم عديل الحق أثناء محاكمته عزمه الذهاب إلى سوريا لإعادة صديقته السابقة أقصى محمود، إلا أن السيد محمود أضاف " كان يعلم أنها متزوجة في سورية، وكلمات كاذبة بشأن انقاذ حياتها".
وأضافت والدة أقصى " كانت فتاة نموذجية ولم أكن أتصور أن تفعل ذلك، ولا أعرف ما النصيحة التى أوجهها لكنى أعرف أنه ليس هناك مكان أو منظمة أو خط لمساعدة الآباء". وأردف السيد محمود، "نشعر بالعار بسبب ما فعلته أقصى، كيف يمكنها الذهاب لسورية؟، لو كنت علمت من قبل لكنت منعتها، وعلى الأقل مع محاكمة عديل الحق لدينا بعض الإجابات، يجب أن تكون محنتنا محذرة للعائلات الأخرى، هناك أخرون مثل عديل الحق يصلون إلى أدمغة الفتيات، والكثير من الشباب يتبعون أمثاله، إذا كان هناك أشخاص يتابعون ابنتيه على تويتر لماذا لا تصل إليهم الشرطة وتحذرهم؟".
وتخشى عائلة أقصى محمود ألا تراها مجددا بعد أن كتبت ابنتهما أنها تفضل الموت في سورية، عن العودة إلى اسكتلاندا، وأضافت والدة أقصى "أخشى ألا أرى ابنتى مرة أخرى، ولم أتوقف عن البكاء بسبب ما فعلته، لقد جلبت العار للأسرة والمجتمع، أنا أكره "داعش" وما تفعله، لكنا ما زالت ابنتي، أصلى من أجل أن أراها مرة أخرى لكن الأمل قد ذهب".
ونوَه مساعد رئيس الشرطة روريد نيكلسون إلى أنه "لا يزال تحقيق شرطة اسكتلاندا بشأن أقصى محمود مستمر لذلك من غير المناسب الادلاء بمزيد من التفاصيل"، وأضاف محامي العائلة عامر أنور، "عديل الحق هو شخص خطير يعمل عبر وسائل الاعلام الاجتماعية، ويحصل على المالم قابل غسل أدمغة الشباب وتجنيدهم لدى "داعش"، وإذا كان ناك درس يجب تعلمه هو عدم التهاون في أي عائلة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر