برلين - جورج كرم
دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى حظر النقاب، مؤكدة أن الحجاب الكامل ليس مناسبًا في ألمانيا. ويأتي ذلك بعد أن أكدت ضمان عدم تكرار تدفق المهاجرين بشكل كبير كما حدث في العام الماضي، في إطار سعيها لولاية رابعة في منصبها، وبينت ميركل أنها ستؤيد حظر النقاب على الصعيد الوطني بعد أشهر من توضحيها بأنه يشكل عائقًا أمام النساء المسلمات للاندماج في المجتمع الألماني.
وأضافت ميركل "من وجهة نظري المرأة المغطاة بالكامل، لا فرصة لها للاندماج في المجتمع الألماني"، وتوقفت ميركل سابقًا عن الدعوة إلى فرض حظّر على الملابس الإسلامية، قائلة "هذه مسألة تتعلق بإيجاد توازن سياسي وقانوني مناسب". ويأتي موقف ميركل الجديد المتشدد بعد تصويت البرلمان الهولندي بأغلبية ساحقة، على حظّر الحجاب الإسلامي الكامل من بعض الأماكن العامة مثل المستشفيات والمدارس، وهي الخطوة الأحدث من هذا القبيل في بلد أوروبي، ومن المقرر أن يذهب التشريع إلى مجلس الشيوخ، للموافقة عليه قبل أن يصبح قانونًا، ويتبع ذلك حظّر مماثل في فرنسا وبلجيكا، وسط تصاعد التوترات في أوروبا مع المجتمعات الإسلامية، وناضلت ميركل في اليوم الأول لها في مؤتمر حزبها المحافظ، وسط تعهدات بحظر النقاب الكامل، ووضع أزمة اللاجئين تحت السيطرة، وفي خطابها الذي استمر 77 دقيقة تخللها الاحتفاء بها وقوفًا أثبتت ميركل أنها المرأة الأقوى في القارة، ولديها ما يلزم لحشد المؤمنين بها.
وتعهدت ميركل بتعزيز قوى القانون والنظام، مع تسريع ترحيل طالبي اللجوء، اللذين تم رفض طلباتهم، وذكرت ميركل في بداية خطابها "لا يمكن لكل اللاجئين اللذين جاءوا العام الماضي بإجمالي 890 ألف، البقاء أو الاستمرار في البقاء في ألمانيا"، في محاولة لاستعادة الأرضية التي فقدتها في الأشهر الأخيرة لصالح الحزب البديل الألماني (AfD) المعادي للمهاجرين، وتعهدت ميركل التي نشأت في ألمانيا الشرقية الشيوعية، بأنه سيتم مراجعة كل طلب لجوء بدقة، ولم يتم جمع الناس في كتل مجهولة. وأشارت ميركل إلى أن تدفق اللاجئين الذي حدث العام الماضي لن يتكرر ويجب آلا يتكرر، موضحة أن قانون البلاد يقف فوق أي رموز شرفية أو شريعة.
ويأتي خطاب ميركل الحاسم في ظل تصاعد التوترات بعد الاغتصاب الوحشي، وقتل طالب الطب البالغ 19 عامًا، على يد لاجئ أفغاني، وانتقدت ميركل الكراهية عبر الإنترنت ضد المهاجرين، وأوضحت أنها تتفق مع الرأي القائل، بأن من كتبها يحتاج إلى دورة اندماج أكثر من الوافدين الجدد، مشيرة إلى صدمتها بسبب الهجمات عبر الإنترنت، قائلة "لذلك أقول أن ذلك يجب آلا يكون له وجود". واعترفت ميركل أن الانتخابات المقبلة لن يكون لها مثيل، وتعهدت بجعل أوروبا أكثر قوة كقاعدة اقتصادية قوية لألمانيا، مع الالتزام بتحقيق السلام في سورية، وفي نهاية خطابها حظيت ميركل بحفاوة بالغة مع التصفيق لها وقوفًا لمدة 11 دقيقة.
وشهدت ألمانيا نحو 890 من طالبي اللجوء، بعد أن قررت ميركل السماح بدخول المهاجرين العالقين في المجر في سبتمبر/ أيلول 2015، وانخفضت أعداد اللاجئين بشكل حاد، إلا أن نهج ميركل تجاه الأزمة أثار الشقاق داخل حزبها المسيحي الديمقراطي، الذي شهد سلسلة من النتائج السيئة في انتخابات الولاية هذا العام. وأخبرت ميركل مندوبي الحزب قائلة "وضع مثل ذلك الذي حدث في أواخر صيف 2015 لن يتكرر، وهذا هو هدفي السياسي الصريح وهدفنا جميعًا"، وفي ظل إصرار ميركل على أن ألمانيا ستأخذ الناس الذين هم في حاجة حقيقية للحماية إلا أن حكومتها شددت قواعد اللجوء، وأعلنت وضع "الأمان" في العديد من البلدان ما يعني أن الناس هناك لا يمكنهم استقبال لاجئين في ألمانيا، وكانت ميركل القوة الدافعة للاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في وقت سابق من هذا العام، لوقف تدفق المهاجرين.
وأعلنت ميركل الشهر الماضي أنها ستسعى إلى ولاية رابعة مدتها 4 أعوام في منصبها الاستشاري في الانتخابات المتوقع إجرائها سبتمبر/ أيلول المقبل، من خلال إعادة انتخابات الرئاسة في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ويتيح التصويت في أيسن التي انتُخب فيها ميركل كأول رئيسة للاتحاد المسيحي الديمقراطي عام 2000 اختبار مكانتها مع الأعضاء، وبغض النظر عن عدم الرضا عن سياستها تجاه المهاجرين إلا أن بعض الأعضاء متبرمين بشأن ما اعتبروه انحراف لليسار خلال 11 عامًا في منصبها الاستشاري، وأظهرت استطلاعات الرأي تقدم المحافظين بفارق كبير على الرغم من تراجع دعمهم عن نسبة 41.5% التي حصلوا عليها في الانتخابات الألمانية عام 2013، ويواجه المحافظون منافسة جديدة من الحزب البديل، والذي ازدهر خلال مهاجمة سياسات ميركل تجاه المهاجرين.
وفازت ميركل بالتزكية لولاية جديدة لرئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قبل عامين وحصلت على دعم من قبل 96.7% من المندوبين في واحدة من أفضل النتائج التي حصلت عليها، وكرست ميركل جزءًا من خطابها للأزمات في الخارج، قائلة "في 2016 لم يصبح العام أكثر قوة واستقرار ولكن أكثر ضعفًا واضطرابًا".
وأعربت ميركل عن أسفها لفشل المجتمع الدولي في تخفيف معاناة المدن السورية المحاصرة مثل حلب، واصفًا هذا الفشل بالعار، وأشارت ميركل إلى صدمتها لرؤية عشرات الآلاف من الألمان يحتجون في الشوارع ضد اتفاقيات التجارة الحرة دون الاحتجاج ضد إراقة الدماء في سورية، مضيفة "هناك شيء ما خاطئ". وأكدت ميركل أهمية وحدة الاتحاد الأوروبي، موضحة أن ألمانيا ستبلي بلاءً حسنًا عندما تقوم أوروبا بالشيء نفسه، وفي ظل التحديات التي تواجهها ميركل حثّت مندوبيها قائلًا "يتحتم عليكم مساعدتي".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر