غزة - صفا
لم تسنح أوقات فتح معبر رفح البري الاستثنائية للفتاة أسماء محسن بالخروج من بواباته بعد، وقدوم خطيبها إلى غزة لإقامة حفل زفافهما الذي عُقد بدونه.
وتقف محسن (29 عامًا) في طابور المسجلين بالمعبر منذ أكثر من شهر ولم يأت دورها في الخروج بعد من القطاع، بسبب إغلاقه المستمر من ناحية؛ وعدم اكتمال فتحاته الاستثنائية التي لا يلبث الجانب المصري بالإعلان عن تعطل حواسيبه وإغلاقه والتسويف لإشعار أخر.
ويتوقف العمل بشكل دوري في معبر رفح الذي يفتح استثنائياً منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي بسبب تذرع السلطات المصرية بتعطل الحواسيب لديها والأوضاع الأمنية بسيناء.
انتظار دون جدوى
وكان موعد زفاف العروسين قد تقرر في تاريخ الـ15 من نوفمبر، ولكن اقترب الموعد دون تحسن يُذكر على حال المعبر أو قدرة العريس على القدوم من بلجيكا لغزة.
وتتحدث محسن عن إغلاق المعبر والأجواء الرمادية اللون التي ألقاها على فرحتها وأهلها، وتقول "تم عقد قراني في شهر مارس الماضي, وكان خطيبي في غزة؛ وبعد إجراءات الخطوبة سافر إلى بلجيكا حيث عمله واستقراره هناك".
وتشير إلى أنها سجلت للسفر في الـ30 من نوفمبر المنصرم، وذلك حتى تستطيع السفر في تاريخ 12-12-2013، وفق النظام المعمول به بسبب بطء عمل المعبر، حيث تتأخر سجلات المسافرين لأكثر من أسبوعين.
وتوضح أنها حصلت على الفيزا في أغسطس الماضي، وتم الاتفاق على أن يكون الزفاف بشهر نوفمبر وبوجود العريس، لكن تفاجأ الجميع بالظروف في مصر وانعكاسها المفاجئ على المعبر وإغلاقه بشكل كامل.
وتقول "هنا بدأ كل شيء يتغير, وأصبح خطيبي متخوف من عدم قدرته على القدوم لغزة، خاصة أنه ومع الانتظار والمتابعة راح وضع المعبر يزيد صعوبة".
وتلفت إلى أنه وفي نهاية نوفمبر وجد الجميع أن الوضع لم يتغير, اضطروا لتحديد موعد الزفاف وحجز القاعة وكل أمور الفرح, وترك الأمر للظروف.
أجواء قاتمة
وتشير أسماء إلى أن خطيبها كان متخوفا من أن يحضر إلى غزة ويصعب عليه العودة وبالتالي يخسر عمله, فكان إغلاق المعبر وعدم الخروج من غزة بسهولة هو العائق الأكبر, لذلك قرر أن يقام الفرح حتى لو دون حضوره.
وجاء الواقع ليفرض نفسه ويتم عقد الزفاف دون العريس، وتصف محسن شعورها بالقول "شعرت أن فرحتي منقوصة, فطلبت من خطيبي أن يلغي الفرح لكنه أصر على أن يقام الفرح وأن أفرح نفسي وأهله وأن نتحدى الظروف".
وتذكر أسماء أنها كانت تتابع هي وأهلها وأيضًا أهل خطيبها المقيمين في غزة معه بالتواصل عبر الانترنت، وكانت تصبر كلما تأزم الوضع بالقول "لعله خير".
وتستحضر لحظة تجهزها لحفل الزفاف في يومه، قائلة: "خرجت من صالون الكوافير للسيارة وحيدة وكأني ألبس الأسود، فعريسي ليست بجانبي، وكذلك لحظة التصوير في الأستوديو كنت وحيدة".
أزمة الكهرباء
أما اللحظة الأكثر ألمًا لدى أسماء، فهو حينما وصلت بيت أهلها وقبل مغادرتها، اتفقت أن يتم اجراء اتصال ليتحدث إلى أهلها قبل خروجها عبر السكايب، ولكن تفاجأت بانقطاع الكهرباء على غير موعدها، حينها شعرت العروس بالانهيار وملأت الدموع عينيها.
وتستطرد "وجدت نفسي على باب القاعة وأمامي الناس والكل ينظر إلي.. أخفيت دموعي وأخفيت ألمي وابتسمت وتم زفافي على خير، وما أضاف السعادة لي هو أن خطيبي رآني في قاعة الزفاف عبر السكايب فترة من الوقت".
انتهى الزفاف وذهب كل إلى منزله، لكن أسماء هي الأخرى عادت إلى منزل أهلها مرة أخرى، لتبدأ فترة جديدة من الألم بانتظار أن يُكتب لها الخروج من المعبر والسفر إلى زوجها، حيث بيتها الثاني".
معاناة أخرى
ولا تقف المعاناة عند حالة أو اثنتين، فسجلات المسجلين للسفر بغزة مليئة بقصص عنوانها إغلاق المعبر.
"إيمان" فتاة عشرينية تم عقد قرانها في فبراير العام الماضي, وكان حلمها هو لقاؤها بخطيبها الشاب البكر لأهله والوحيد، حيث يدرس في مصر ووضعه لا يسمح له العودة إلى غزة بسبب دراسته وعمله".
وشاء القدر أن يتقابل موعد زفاف العروسيْن مع أزمة المعبر المستمرة التي أبعدت فكرة القدوم لغزة من عقل الشاب.
وقرَّرت العائلة مؤخراً إقامة الزفاف بدونه, وتم بدون وجود العريس وسط أجواء من الحزن اعترت الجميع وخاصة العروس.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر