مراكش - و. م .ع
عَشْرُ توصيّات تحثّ حكومات الدول العربية، والفاعلين الإعلاميين، على تغيير الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام، هي مجموع التوصيات التي خرج بها المنتدى العربي للمرأة والإعلام، الذي انعقد على مدى يومين في مدينة مراكش، والذي نظمته وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بشراكة مع منظمة المرأة العربية.التوصّيات التي خرج بها المنتدى، سيتمّ تفعيلها، على المستوى الوطني، حسب ما أفادت به وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، في تصريح لهسبريس؛ ففي غضون الشهور القليلة القادمة، تقول الحقاوي، سيتمّ الإعلان عن تأسيس مرصد وطنيّ لتحسين صورة المرأة في الإعلام العمومي، وهو من ضمن التوصيات الختامية للمنتدى.
وأضافت الحقاوي، أنّ المغرب بدأ العمل بموجب المخرجات التي تمخّض عنها المنتدى، "والتي كنّا نتوقعها"؛ وسيلعب المرصد الوطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام العمومي، المُرتقب تأسيسه، حسب الوزيرة الحقاوي، والذي يأتي في إطار تفعيل فصول الدستور المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، ومنها التنصيص على إحداث هيأة للمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز، (سيلعبُ) دورا أساسيا في تتبع كل هذه المبادرات، "لتقليص التمييز ضد المرأة، وتمكينها من تكافؤ الفرص، للاستفادة من كفاءتها وإمكانياتها".وفي السياق الذي سارت فيه مداخلات الجلسة الافتتاحية للمنتدى العربي حول المرأة والإعلام، وكذا النقاشات التي عرفتها الورشات الخمس، التي تخلّلت المنتدى، والتي أجمعت على أنّ صورة المرأة في الإعلام العربي لا ترقى إلى المستوى المطلوب، وتتميّز بنشر صورة نمطية عنها، قالت الحقاوي في تصريحات صحافية، إنّ صاحب القرار في الشأن الإعلامي ما زال يتعامل مع قضية المرأة كشأن نسائيّ محْض، بتغييبها عن القضايا السياسية والاقتصادية، واقتصار دورها على البرامج المتعلقة بالمرأة.
وعزت الحقاوي الصورة الحالية، التي يقدّم بها الإعلام المرأة، في الدول العربية، إلى كون "عقليات المسؤولين الإعلاميين تنظر إلى المرأة على أنّها غيرُ أهْلٍ بالخوض في القضايا الكبرى، والمشاركة في البرامج الجدّية، المتعلقة بالسياسة أو الاقتصاد، وغيرها، "والتي تظلّ حكرا على النقاش الذكوري"، مضيفة أنّ ذلك يتجلّى من خلال استدعاء المرأة للمشاركة في البرامج التي تخصّ النساء فقط، أو بعض المناسبات الخاصّة بالمرأة، وتتكرّس هذه الصورة التمييزية أكثر، من خلال تغييب الرجل عن الحضور في البرامج التي تطرح قضايا النساء.
الصورة التي تقدم بها وسائل الإعلام العربية المرأة، لها نتائج سلبية، على المدى البعيد، "لأنّها تكرّس، لدى الأجيال القادمة، صورةً مفادها أنّ المرأة لا تستطيع أن تكون فاعلا في أيّ مجال آخر، غير الاهتمام بشؤون البيت والأسرة، بينما الواقع يقول العكس، ويبرهن أنّ المرأة تساهم، إلى جانب الرجل، في كافّة القطاعات، فالمرأة الفلاحة مثلا، يتمّ تغييبها عن الحضور في وسائل الإعلام، رغم أنها تقوم بدور اقتصاديّ مهم"، تقول سوزان البلقيني، الأستاذة بجامعة عين شمس في مصر.
هذا الوضع، جعل وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، تقول إنّ التوصيات التي خرج بها المنتدى العربي حول المرأة والإعلام "يجب أن يكون لها ما بعدها"، وأضافت أنّه لا بدّ من العمل على تنزيل التوصيات التي خرج بها المنتدى على أرض الواقع، وستكون هناك محطات أخرى، بعد منتدى مراكش، لإتمام العمل والتنفيذ وتحميل المسؤولية للحكومات، وللفاعلين في المجال الإعلامي.
وحمل بيان منتدى مراكش حول المرأة والإعلام، الذي تلتْه رئيسة منظمة المرأة العربية، شيخة سيف الشامسي، من خلال توصياته العشْر، دعوة إلى تبني إنشاء قواعد بيانات للاستراتجيات المُعدّة في مجال المرأة والإعلام والقوانين الخاصة بالمرأة والإعلام في العالم العربي، مع العمل على تفعيل دور المجتمع المدني في مجال ابتكار آليات إعلامية تكرس صورة إيجابية عن المرأة، ولمناهضة الممارسات المسيئة للمرأة في الإعلام.
وفي مجال التشريع، دعا البيان الختامي للمنتدى إلى تفعيل ترسانة التشريعات الدولية ذات الصلة وملاءمة التشريعات الوطنية معها، واعتماد ميثاق شرف عربيّ للإعلام، والارتقاء بالمواثيق الأخلاقية إلى مرتبة القواعد القانونية.
وللحدّ من الإساءة إلى المرأة في الإعلام، حمل البيان الختامي توصيّة تدعو إلى اعتماد دفاتر شروط (دفاتر تحمّلات)، تتضمن جعل عدم الإساءة إلى المرأة شرطا أساسيا عند الترخيص للاستثمار في مجال الإعلام، وإنشاء هيئات عليا للرصد الإعلامي في كل دولة، يكون من اختصاصاتها رفع توصيات للجهات المعنية والسهر على انتظامية واستمرارية الرصد، وكذا إحداث آلية ضبط مستقلة في كل دولة، ومراقبة المادة الإعلامية المستخدمة في كل وسائل الإعلام، بما في ذلك الصحافة الإلكترونية، والمادة الإشهارية.
وفيما يتعلق بتغيير تعامل الفاعلين والممارسين الإعلاميين مع المرأة، أوصى البيان الختامي لمنتدى مراكش حول المرأة والإعلام بإعداد أدلة للمارسين الإعلاميين، تساعدهم على تفعيل حضور إيجابي للمرأة في مجال الإعلام والاتصال، وتكوينهم في مجال المقاربة الحقوقية، والنوع الاجتماعي، على أن يشمل التكوين جميع منتجي الرسالة الإعلامية.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر