القاهرة ـ المغرب اليوم
الشكوى المشتركة من المراهقين دائماً هي تهورهم وترديد الأمهات والآباء أوصاف من نوعية أنهم يتصرفون كما لو أنهم بلا عقل! والحقيقة عندما أسمع ذلك أتذكر نفسي في بداية فترة المراهقة، عندما كنت أهوي قيادة الدراجة على المنحدرات، والشعور البالغ بالسعادة عندما تنطلق بسرعة كبيرة.الحقيقة أن ميل أبنائك المراهقين إلى اقتراف أفعال متهورة أو غير محسوبة، له تفسير دعينا نتعرف عليه سوياً.نعم هذه حقيقة، فقد أثبتت دراسات أطباء النفس أن مخ المراهق يختلف عن الكبار والأطفال، ففي هذه الفترة يكون المراهق عنده قدرة أكبر على التعلم والتقاط المعلومات بسرعة، بالإضافة إلى وجود قدرة أكبر على التفكير في اتخاذ القرارات، نتيجة حدوث نضج تدريجي في نمو أجزاء المخ المختلفة، المشكلة أن هذا النضج يبدأ في الأجزاء الخلفية للمخ، ويتجه تدريجياً نحو الأجزاء الأمامية منه، فيكون الفص الأمامي من المخ هو آخر الأجزاء التي يصيبها التطور والنضوج عندما يبلغ الإنسان سن الرشد، والفص الأمامي من المخ هو المسئول عن الحكم على الأمور وتقديرها وتكوين رؤية محددة في المواقف المختلفة، وهنا يكمن تفسير كل التصرفات الغريبة التي يقدم عليها المراهقون، وهو يفسر أيضاً قدرة المراهق على أن يكون شخص لماح وسريع البديهة وعنده قدرة أكبر للتعلم، لكن قد يفتقر إلى الحكم الجيد على الأمور.من التغيرات التي تطرأ على الشخصية في فترة المراهقة، هو ميل المراهق إلى لفت الانتباه إليه، ليعلن بشكل غير مباشر أنه أصبح شخصية مستقلة عن الكبار، ومختلفة أيضاً، ويصاحب ذلك أيضاً الميل إلى الجنس الآخر، ومحاولة لفت الانتباه بشتى الطرق، فنرى مثلاً أنهم يلبسون أزياء غريبة أو يقومون بتصفيفات شعر غير مألوفة، وقد يذهب البعض إلى القيام بتصرفات متهورة مثل قيادة الدراجات البخارية بشكل مجنون، أو القيام بحركات بهلوانية بألواح التزحلق، مما يجعلهم يشعرون بالإثارة والمتعة.من الأخطاء التي يقع فيها الآباء مع المراهقين، هو مواجهة تصرفاتهم بالتعنيف والمواجهة، والحقيقة أنهم لا يعلمون أنهم بهذا يقفوا أمام طبيعة الشخصية المراهقة، ولو أنهم توقفوا قليلاً مع أنفسهم سيتذكرون مغامراتهم في مثل عمر أبنائهم، وكيف كانوا يشعرون عند القيام بتلك التصرفات.لكن الأنسب في هذه الحالات هو محاولة التحدث معهم بهدوء وإبداء التفهم بطبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها أبنائهم، من الهام أيضاً أن يحس المراهق أن تحفظات الآباء تأتي بدافع خوف حقيقي عليهم، مصدره حبهم واهتمامهم له، الأبناء في هذه المرحلة بحاجة إلى الاحتواء والتفهم أكثر من أي وقت آخر.. من المهم جداً أن تخبريهم عن مدى الألم والأسى الذي تشعرين به إذا أصاب أحدهم مكروه، حدثيه عن مدى ثقتك في أنه لن يكون سبباً لألمك أو تعاستك، فالمراهق يحتاج للشعور بأنه محل ثقة.أخيراً تذكري أن كل التجارب التي يمر بها الأبناء سواء الجيدة أو السيئة هي ما يساهم في تكوين شخصيتهم وسقلها فيما بعد، وأن عليك التحلي بالصبر والاحتمال حتى تمر مرحلة المراهقة في سلام بكل ما لها وما عليها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر