واشنطن - المغرب اليوم
بول الفراش حالة شائعة عالمياً تصيب حوالي 15% من الأطفال الذين تجاوزوا 5سنوات من العمر مع شفاء حوالي 15% منهم تلقائياً وبدون أي علاج سنوياً بعد هذه السن حيث أنه عند تجاوزهم سن ال 15سنة لا تستمر إلا بنسبة حوالي 1% إلى 2% منهم. وتلك الحالة اذا ما استمرت إلى سن المراهقة وبعده قد تسبب القلق والقنوط واليأس والاكتئاب للمصابين بها وأهلهم وتؤثر على جودة حياتهم ونشاطاتهم اليومية والتربوية والمهنية. ورغم كثافة الاختبارات والمقالات والندوات حول تلك الحالة المنغصة فإننا لا نزال نجهل أسبابها وأفضل السبل لمعالجتها بنجاح في معظم الحالات.
خلل جيني
وفي المؤتمر السنوي للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عقدت ندوة خاصة حول تلك الحالة ضمت خبراء عالميين منهم الدكتور هوسمان من الولايات المتحدة والدكتور كونغ من هونكونغ والدكتور روبسون من كندا والدكتور نيفوس من السويد والدكتور روشتون من الولايات المتحدة تمت مناقشة كافة مزايا تلك الحالة من جميع جوانبها السببية والمرضية والتشخيصية والعلاجية فتوفرت بعض المعلومات القيمة والجديدة حولها. وإلى قرائنا الأعزاء موجزاً لآخر المستجدات التي نوقشت خلال تلك الندوة.
تبين أن حوالي 50% الى 75% من الأطفال المصابين ببول الفراش أي السلس البولي أثناء النوم ينتمون الى عائلات أصيب فيها احد الوالدين في طفولته بنفس الحالة مع تواجد تغير جيني في بعض الكروموزومات 8، 12و 13و 22كسبب رئيسي. وقد كشفت عدة اختبارات عالمية وجود خلل جيني مهم في جين يدعى "أكوابورين" فئة Aquaporin 2للقناة المائية التي في حال اصابتها بعيب خلقي يسبب فرط افراز البول أثناء النوم الذي يفوق سعة المثانة ويسبب السلس البولي. وأهمية وجود بول فراش عائلي يعود الى أن أمل الشفاء التلقائي بإذن الله لتلك الحالات مرتفع جداً مما يبشر بخير للأطفال المصابين به وأهلهم. وأما بالنسبة الى العوامل النفسية فأبرزها حالات القلق التي تصيب حوالي 50% من الأطفال خصوصاً اذا ما حصل بول الفراش الثانوي أي معاودته بعد غيابه لأكثر من 6أشهر والذي يستدعي معالجة السلس البولي بدلاً من التركيز على اسبابه النفسية. ومن أبرز الحالات النفسية المنشأ التي تترافق مع بول الفراش ما يدعى باضطراب عجز الانتباه وفرط النشاط Attentive Disorder Hyperactivity Deficit (ADHD) الذي قد يسبب السلس البولي بنسبة حوالي 20% نتيجة خلل مشترك في جذع الدماغ مع حصول فرط نشاط المثانة لدى حوالي 50% من تلك الحالات حسب نتائج الديناميكيات البولية والذي لا يتجاوب عادة للعلاج المنبه الليلي بل يستدعي المعالجة الدوائية والتعديل السلوكي.
وقد لخص الخبراء في تلك الندوة الطبية أسباب بول الفراش وقسموه إلى 3فئات: الفئة الأولى سببه فرط في إفراز البول والثانية نقص في سعة المثانة والثالثة النوم العميق مع صعوبة الاستيقاظ للتبول، مع التشديد على ان أي سبب من تلك الأسباب قد يسبب السلس البولي افرادياً أو بسبب تشابكهما معاً. وقد يعود فرط افراز البول أثناء النوم الى شذوذ في انتاج هرمون فيزوبريسين Vasopressin في الليل المسؤول عن امتصاص الماء داخل الكلية ومنع فرط افرازه في البول او الى زيادة افراز عامل إدرار الصوديوم في اذين القلب أو زيادة تناول الملح في الغذاء او شذوذ في مستقبلات "أكوابورين" في الكلية. وأما بالنسبة إلى المثانة فإن نقص سعتها بحوالي ضعفي السعة الطبيعية بالنسبة للسن قد يكون من أسباب السلس بنسبة حوالي 20% من تلك الحالات مع فرط نشاطها عند ثلثي هؤلاء الأطفال وبنسبة حوالي 50% منهم أثناء النوم وحوالي 50% في حالة الاستيقاظ خلال النهار خصوصاً مع تقدم السن فضلا عن أن حوالي 30% من هؤلاء الأطفال يشكون من نوم عميق مع صعوبة في الاستيقاظ للتبول.
امتصاص البول في الكلية
واما بالنسبة إلى نجاح المعالجة بعقار "ديسموبريسين" الذي يساعد على امتصاص البول في الكلية وتخفيض افرازه أثناء النوم فإنه يفشل عادة عند هؤلاء الأطفال الذين يتبولون عادة أقل من حوالي 70% من سعة المثانة الطبيعية حسب السن مما يستدعي في تلك الحالات الى استعمال المنبه الليلي الذي يساعد على ايقاظ الطفل عند تسرب البول في سرواله الداخلي الذي يحتوي على سلك موصول بالساعة اليدوية ومن ثم قبل تسربه للتبول قبل حصول السلس. واما اذا ما كان حجم البول اثناء النوم اكثر من 70% من سعة المثانة الطبيعية فان العلاج الأمثل يتم باستعمال المنبه الليلي او عقار "ديسموبريسين" أو أحياناً كلاهما معاً. أما معالجة السلس الناتج عن فرط نشاط المثانة بمضادات الفعل الكوليني فإنها عادة فاشلة ومن الأفضل استعمال المنبه الذي قد يساعد على الشفاء بعون الله سبحانه وتعالى بنسبة حوالي 70%. وكما تبين من عدة اختبارات عالمية فإن استعمال المنبه والتعديل السلوكي يعتبر أفضل الوسائل العلاجية لحالات بول الفراش عامة إلا أنها قد تفشل في حالات النوم العميق حيث يصعب على الطفل او المراهق سماع رنين المنبه للإستيقاظ والتبول مما قد يستدعي استعمال العلاج الدوائي ب"الديسموبريسين" أو بمضاد الكآبة "الأيميبرامين" الذي قد يسبب نادراً بعض الإضطرابات القلبية.
وخلاصة القول إن أفضل معالجة لبول الفراش عند الأطفال بعد تجاوزهم 5سنوات واليافعين والبالغين، ترتكز على الأسباب المشخصة وتشمل في معظم الحالات المنبه الليلي مع او بدون عقار "ديسموبريسين" والتعديل السلوكي واحياناً عقار "الأوكسيبيوتينين" و"الأيميبرامين" في بعض الحالات المستعصية مع أمل كبير بالنجاح ان شاء الله.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر