واشنطن ـ وكالات
لاحظ علماء النفس وعلماء الاجتماع بأنّه ثمّة علاقة وثيقة تربط ما بين المرأة والنشرة الجويّة، حيث تشعر هذه الأخيرة بالمزيد من القوّة والثقة والسلطة ما أن تطّلع على أخبار الطقس.
فرغم أنّ الطقس هو من الامور التي لا تستطيع المرأة التحكّم بها، إلا أنّ من مفارقاته أنّه يمنحها مزيداً من الثقة بنفسها، فبالنسبة لها، إطلالتها ومشاريعها هي رهن التقلّبات المناخية والنشرة الجوية "إذا كان الجوّ ماطراً فإنها تبتعد عن إرتداء الملابس الصيفية والاحذية المكشوفة والتنانير القصيرة، أما إذا كان الطقس حاراً فإنها تنظّم رحلة في الطبيعة وعشاءً رومنسياً على الشاطئ".
للتحكّم بالمستقبل
وفي هذا السياق، يقول المعالج النفسي الفرنسي سامويل لوباستيه إنّ المرأة تراقب النشرة الجوية وتشعر بالارتياح لأنّه "في مراقبتها لأحوال الطقس تشعر بقدرتها على التحكّم بالمستقبل". ويتابع لوباستيه موضحاً "وهي بهذه الطريقة- أيّ بمتابعة أخبار الاحوال الجويّة والمناخية- لا تسعى الى التأثير في الطقس وتحويله الى المسار الذي تريده هي، وإنما الى الاستعداد نفسياً وفكرياً للتقلّبات المحتملة، وبالتالي الى عدم الخضوع ضحية هذه التقلّبات".
ومن جهة أخرى، تلجأ المرأة الى نشرة الاحوال الجويّة كمن يبحث عن قراءة مستقبله لدى المنجّمين حيث تشعر بـ"أنّ متابعة أحوال الطقس تطمئنها عن مستقبلها غير الواضح والذي يثير قلقها وخوفها".
فحتّى ولو لم تصدق بنسبة 100% الّا أنّ "أخبار الطقس تعتبر موثوقة وذات مصداقية أكثر من التنبؤات الاقتصادية والاجتماعية" يتابع المعالج النفسي، مؤكّداً أنّ "مصداقية النشرة الجويّة تعطي المرأة أملاً في مضامير حياتية أخرى كالعمل والصحّة والعلاقات العاطفية... حتّى أنّ بعض النساء يحاولن تطبيق أساليب مماثلة للتحكّم بخطوات تخرج عن نطاق سيطرتهنّ".
والتساوي مع الآخرين
إنّ تعلّق المرأة بالنشرة الجويّة وإهتمامها بأخبار الطقس، ربّما يعود الى كون التقلّبات المناخية أمراً تتشاركه النساء مع غيرها من الناس و"تصبح المرأة- بفضل المناخ الماطر أو المشمس- متساوية مع غيرها من الأشخاص على وجه الكرة الأرضية: الغني أوالفقير، الكبير في السنّ أو المراهق، الموظّف أو المدير.... وإذا كان الهاتف الذكي يعتبر وسيلة ضرورية كي لا تشعر المرأة بأنّها وحيدة، فإنّ تطبيق النشرة الجويّة يعزز هذا الشعور أكثر فأكثر" يؤكّد لوباستيه.
ويتابع الاختصاصي في علم النفس العيادي حديثه منوّهاً الى أن "أكثر ما يريح المرأة يكمن في نرجسيتّها، أي في إحسساسها بأنّها تملك العالم المحلّي والعالم بين يديها وبنقرة واحدة تمكّنها من التحكّم بما يحيطها"، وبالتالي بفضل تطبيق الاحوال الجوية هذا "تشعر بأنّها تنتمي الى جماعة واحدة وبأنّها متساوية مع كلّ أفرادها، لا بل أكثر من ذلك تشعر بأنّها مرتبطة بكلّ سكان الكرة الأرضية إرتباطاً وثيقاً حتّى لو فرّقت بينهم المسافات الجغرافية الشاسعة".
وسيلة لتبرير المزاج
يتقلّب مزاج المرأة ويتغيّر بحسب التقلّبات المناخية "فإذا أشرقت الشمس تشعر نساء كثيرات بالسعادة والفرح، فيما ينقلب مزاجهنّ ليصبح متوتّراً ومائلاً الى الحزن في حال إكتسحت الغيوم السماء"، وبالتلي فإنّ متابعة أخبار الأحوال المناخية يعتبر بـ"مثابة دليل يبرر للمرأة تقلّب مزاجها، كما لو أنّها تبحث في الطقس عن إثبات شخصيّتها ومعنوياتها". وفي هذا السياق يوضح لوباستيه قائلاً "غالباً ما تسعى المرأة الى تبرير تصرّفاتها وخواطرها النفسية الداخلية بالعودة الى مؤثّرات خارجية".
ويردف مشدداً أنّ "في هذه الحالة تصبح أخبار الاحوال الجويّة وسيلة لتبرير ردود الفعل الإيجابية أو السلبية التي تشعر بها المرأة، فربط حالة السماء بحالتها النفسية الداخلية هو من الوسائل التي تجعل المرأة تشعر بأنّها مرتبطة إرتبطاً وثيقاً بالطبيعة من حولها".
وللارتباط بالطبيعة
التحقق من النشرة الجويّة يجعل المرأة تتقرّب أكثر من الطبيعة المحيطة بها والتي إبتعدت عنها بسبب ظروف معيّنة، فبفضل موجة من الحرّ أو الصقيع، وبسبب تساقط قطرات المطر وصوت صفير الهواء تجد المرأة بأنّها تنتمي أكثر فأكثر الى العالم المحيط من حولها والظروف الطبيعية والمناخية المتقلّبة.
وبالتالي فإنّ هذه الظواهر الجويّة والمناخية تضعنا في مواجهة ابعاد أكبر منّا، خارجة عن إطار سيطرتنا وتجبرنا على الامتثال لها، "وهناك قدرة ميتافيزيائية وراء تعلّق المرأة بالنشرة الجويّة وهوسها بأخبار الطقس" يختم لوباستيه مستخلصاً أن "متابعة أخبار الاحوال الجويّة يضع المرأة في موضع التساؤل عن معنى حياتها وتفاهتها في وجه قوّة الطبيعة الخالدة".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر