دعت نقابة الصحافيين المصرية نحو 11 ألف صحافي للاحتشاد غدا الأربعاء، في جمعية عمومية طارئة للرد على اقتحام قوات الشرطة مقر النقابة، واعتقال معتصمين في داخلها.
الاقتحام، الذي يعد الأول من نوعه، والذي واكب اليوم العالمي للصحافة، واحتفالات نقابة الصحافيين باليوبيل الماسي مع مرور 75 عام على إنشائها، التي جرت برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.. أثار غضب الصحافيين وتصدَّر افتتاحيتي صحيفتي "المستقلة" و"القومية"، المملوكتين للدولة.
ولم يأت هذا الاقتحام بمعزل عن موجة من العنف والاستهداف، التي طالت نقابة الصحافيين منذ فتحها أبوابها للمتظاهرين والرافضين قرار التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية في جمعة "الأرض والعرض"، ليضع بذلك العديد من علامات الاستفهام حول محاولات إغلاق هذا الملف بالحلول الأمنية.
وأمام دعوات إلى التظاهر في ذكرى تحرير سيناء، التي واكبت رحيل آخر جندي إسرائيلي في 25 أبريل/نيسان عام 1982، أغلقت قوات الأمن الطرق المؤدية لنقابة الصحافيين كافة في قلب القاهرة. وتقدم نقيب الصحافيين يحيى قلاش ببلاغ إلى النائب العام ضد كل من وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، متهما إياهما بالسماح لعناصر من "البلطجية" باقتحام المبنى تحت سمع وبصر قوات الأمن التى تواجدت بكثافة وأحاطت بالمبنى، من دون أي تدخل منها لحماية النقابة والصحافيين.
وقال قلاش في بيان أصدره آنذك: تلك المحاولات تزامنت مع قيام قوات الأمن بمنع عشرات الصحافيين من دخول نقابتهم، رغم إبرازهم لهوياتهم الصحافية، في سابقة لم تحدث منذ سنوات؛ وتعيد إلى الأذهان الوقائع والممارسات الأمنية فى عهد نظام الرئيس حسني مبارك القمعي ودولته البوليسية. كما أن تلك الممارسات الأمنية سبقتها عمليات قبض وتوقيف واحتجاز لعشرات الصحافيين، ودهم منازل صحافيين، وإصدار قرارات ضبط وإحضار ضد صحافيين آخرين.
ومع تفاقم الأزمة، أصدرت وزارة الداخلية بيانا، صباح أمس (02 05 2016)، جاء فيه إن: واقعة الاقتحام جاءت تنفيذاً لقرار النيابة العامة الصادر بشأن ضبط وإحضار كلٍ من عمرو منصور إسماعيل بدر، رئيس تحرير "بوابة يناير الإلكترونية"، ومحمود حسنى محمود محمد، وشهرته "محمود السقا"، الطالب والمتدرب في "بوابة يناير الإلكترونية" المتهمين بالتحريض على خرق قانون وتنظيم حق التظاهر والإخلال بالأمن ومحاولة زعزعة الاستقرار بالبلاد". وفي ختام البيان أكدت الداخلية تقديرها للصحافيين والدور الوطني الذى يؤدونه، وكذلك على احترامها حرية الرأى والتعبير. وأيدت النيابة العامة وزارة الداخلية فيما قامت به من إجراءات.
وفي خطوة تصعيدية، قرر مجلس نقابة الصحافيين تنظيم اعتصام مفتوح إلى حين إقالة وزير الداخلية والتحقيق في الواقعة. ودعا المجلس الجمعية العمومية للصحافيين إلى اجتماع طارئ، الأربعاء (04 05 2016)، لاتخاذ ما تراه من قرارات .
وقال نقيب الصحافيين يحى قلاش إن "دخول رجال الأمن إلى النقابات لا يتم إلا بأمر من النائب العام. وإذا كان النائب العام قد أصدر قرارا بذلك، فكان لا بد له من إخطارنا"؛ مؤكدًا أن الخيار الأمني ثبت فشله قبل ذلك. وسأل: كيف يحدث هذا الأمر بعد ثورتين.
قلاش ناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل، لمنع ما أسماه عودة الدولة الأمنية؛ مؤكدًا أن اقتحام النقابة أمر يسيء إلى الرئيس ومنظومة الحكم، ولا يمكن أن يقبل هذا الأمر على أي نحو.
وبدوره، كشف ياسر رزق، الكاتب الصحافي ورئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، - المقرب من رئاسة الجمهورية - أنه تحدث إلى ديوان الرئاسة، وأكدوا له هناك أنهم لم يكونوا على علم بالأمر وليسوا راضين عن ذلك، على حد قوله.
وتابع رزق، موضحاً "أن ما حدث دليل على أن هناك أشخاصا في وزارة الداخلية ليسوا مع النظام، ولا يعون مسؤولياتهم". وتوقع أن تأمر رئاسة الجمهورية بإجراء تحقيق عاجل مع المسؤول عن قرار اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحافيين، وتحديد هوية المسؤول عن هذا القرار ومحاسبته، سواء كان وزير الداخلية أو أحد معاونيه؛ مضيفا: "الرئيس السيىسي لا يرضى عما جرى، وسيتخذ الإجراءات الكفيلة لحماية صورة مصر والدفاع عن الصحافة".
غير أن مرور ثلاثة أيام من التراشقات الإعلامية والتصعيد بين وزارة الداخلية ونقابة الصحافيين من دون أي تدخل من قبل رئاسة الجمهورية يؤكد، وفق محللين، أن تصريحات رزق لم تعبر بدقة عن موقف الرئيس تجاه تلك الأزمة.
متابعون لهذا الملف يرون أن واقع ما آلت إليه الأمور يحتم على الرئيس المصري درء الفتنة، بالتدخل لمحاسبة من يفتعل تلك الأزمات، وتأكيده صونه حرية الصحافة والتعبير التي نص عليها الدستور والقانون.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر