الرباط - المغرب اليوم
مع تزايد المطالبة بتعريب العلوم ودراستها باللغة العربية، تتصاعد المطالبة بإيلاء البحث العلمي في الوطن العربي اهتماماً أكبر، إدراكاً لكونه نافذة نحو التنمية والتقدم اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً وفكرياً. وفي السياق عينه، تتزايد المطالبة بتبسيط العلوم ونشرها وتقديمها إلى القارئ العادي بصورة مفهومة، بل إن نشر المعرفة العلميّة بين الجمهور العام وبلغته أيضاً، يعتبر من شروط التقدّم العلمي.
وتعتبر مجلة «نايتشر» Nature مرجعاً موثوقاً في العلم والتكنولوجيا. وتصدر باللغة الإنكليزيّة أسبوعيّاً. وصدرت للمرّة الأولى في 4 تشرين الثاني ( نوفمبر) 1869 على يد الفيزيائي البريطاني السير جوزيف نورمان لوكير، الذي واصل رئاسة تحريرها طيلة نصف قرن كامل، لغاية عام 1919.
وتواصل «نايتشر» دورها الريادي المتألق في نشر أحدث البحوث العلميّة الرصينة والمعرفة العلميّة الراقية، إذ تختار أفضل البحوث التي يراجعها خبراء في مجالات العلوم والتكنولوجيا كافة، على أساس من أصالتها وأهميتها. ويضاف إلى ذلك، كون مجلة «نايتشر» متعددة التخصّصات، وتراعي حُسْن التوقيت، كما توفّر إمكان الوصول إلى الجمهور الواسع.
في مستهل تشرين الأول (أكتوبر) 2015، تدخل النسخة العربيّة من مجلة «نايتشر» سنتها الرابعة، عبر عددها الـ 37. وفي استعادة موجزة، من المستطاع الإشارة إلى أن المجلة العربيّة تصدر شهريّاً منذ تشرين الأول 2012، كما أنها تتوافر مجانيّاً على موقعها الشبكي arabicedition.nature.com. ومنذ ثلاث سنوات، حرصت «نايتشر» العربيّة على إطلاع القارئ العربي بحرية على أحدث التطورات العلميّة الرصينة، وهي مستقاة من مجلة «نايتشر» الدوليّة. وتتيح «نايتشر» العربيّة للناطقين بلغة الضاد، الوصول إلى أحدث الأخبار العلميّة، وملخصات عن أوراق البحوث في تخصّصات علميّة متنوّعة.
وتشمل أبوابها الثابتة: افتتاحيّات، وتحقيقات، ومستقبليات، وتعليقات، ومراسلات، ورؤية كونيّة، وأضواء على البحوث، ومهناً علميّة، وثلاثين يوماً، وأخباراً في دائرة الضوء، وأنباء وآراء، وكتباً وفنوناً، صندوق الأدوات. وبذا، تسلّط المجلة الضوء على البحوث والتقارير والمتابعات العلميّة في تخصّصات تشمل الكيمياء، والفيزياء، والرياضيات، والفلك، والبيئة، والموارد، والمواد، والطب، والأدوية، والتغذية، والاقتصاد، والحيوان، والتكنولوجيا الحيويّة، وفيزياء المواد المُكثّفَة، والأحياء المجهريّة، والجينوم، والأرض، والمحيطات، والغلاف الجوي، وتغير المناخ، وسلوك الحيوانات وغيرها.
ومنذ عددها الـ 25 في تشرين الأول 2014، تتناول «نايتشر» العربيّة محوراً عن «مستقبَل العلوم في العالم العربي». ويتضمن إطلالة لمجموعة من العلماء على مستقبل العلوم في العالم العربي، وكذلك الحال بالنسبة إلى تدريسها في ظل أحوال تعصف باستقرار المنطقة وتؤثر في مؤسّساتها العلميّة. في ذلك الإطار، قدّم الدكتور أحمد فؤاد باشا، رئيس قطاع العلوم الأساسيّة في «المجلس الأعلى للجامعات المصريّة»، نظرة عامة على الواقع العلمي والتقني في العالم العربي. وكتب قاسم زكي، وهو أستاذ في الوراثة في كلية الزراعة - جامعة المنيا، عن الهندسة الوراثيّة والتقنيات الحيويّة. وتناول علي بازارباشي وزملاؤه الباحثون في «الجامعة الأميركيّة في بيروت»، الآفاق المستقبلية لبحوث الطب الحيوي. وعرض فيصل والي، مدير العمليات المركزيّة في «مركز تحلية المياه» التابع لـ «جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية» في المملكة العربيّة السعودية، بحوث تقنيات تحلية المياه. وتناول علي الطيّب، وهو باحث دكتوراه هندسة كيماويّة في «معهد ماساتشوستس للتقنية» في الولايات المتحدة، ورقة عن وادي سيليكون عربي للطاقة. وكتب نضال قسوم، الأستاذ في الجامعة الأميركيّة في الشارقة، عن علم الفلك الذي يحظى بحب حقيقي وعميق في الثقافة العربية. وتناولت رنا دجاني، وهي أستاذة مشاركة في قسم «علوم الحياة» في الجامعة الهاشمية في الأردن ، مستقبل تعليم العلوم في العالم العربي.
استمراراً لمسيرة إنتاج محتوى عربي أصلي لـ «نايتشر» العربيّة، تضمن العدد 28، كانون الثاني ( يناير) 2015، أربعة مواضيع متنوعة ينطبق عليها ذلك الوصف، كتبها الدكتور محمد علي حسن، الأستاذ المشارك في «معهد كيوتو للتقنية»، وكريم الدجوي، مدير تحرير الطبعة العربيّة للمجلة، والدكتور خالد الأشموني، عضو مجلس إدارة «علماء مصر». وتضمن العدد ذاته حواراً مع الدكتورة حياة سندي سليمان، وهي أستاذة سعوديّة متخصّصة في التقنية الحيويّة، كرّمتها «مبادرة كلينتون العالمية» في 2014 بجائزة «المواطن العالمي»، لريادتها في الابتكار للمجتمعات المدنيّة، خصوصاً دعمها الشباب في الشرق الأوسط.
وتدشن «نايتشر» عامها الرابع بالعدد 37 الذي يصدر في تشرين الأول المقبل. ومن عناوين العدد: التعرَّفْ على الجفاف البَشَرِيّ المنشأ، والباحثون في مجال الأدوية مطلوبون، وثورة دُعَاة التجارب العشوائيّة، والدروس المستفادة مِن «إعصار كاترينا»، ومواد فائقة التوصيل تثير موجة في الفيزياء، وبيانات الضغط الجوي لـ «بلوتو» تطرح معضلة في الغلاف الجوي، والخصوصية الرقمية: تخريب نُظُم المراقبة، والحفاظ على البيئة: علماء الأحياء الصينيون يحتجّون على إقامة دورة الألعاب الأوليمبية وغيرها.
ويبدو نافلاً القول إن استمرار وصول «نايتشر» إلى قرّاء اللغة العربية، يعزّز من تأثيرها الإيجابي في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي، إضافة إلى نشر المعرفة العلميّة الرصينة.
إذن، ليس من كبير مجازفة القول إن صدور «نايتشر» بالعربيّة قبل 3 سنوات، مثّل مبادرة مهمّة على طريق تعريب العلوم ونشر المعرفة العلميّة. وتمتع موادها بالمواصفات ذاتها التي تميّز الطبعة الدوليّة لـ «نايتشر». وكذلك أبدت «نايتشر» العربيّة اهتماماً بجماليّة الطباعة، وأناقة الإخراج، إضافة إلى دقة الترجمة وسلامة اللغة وسلاسة الصياغة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر