تعاظم دور الإعلام الاجتماعي في الحياة الإنسانيّة
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

تعاظم دور "الإعلام الاجتماعي" في الحياة الإنسانيّة

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - تعاظم دور

الإعلام الاجتماعي
الدار البيضاء ـ عبد الحميد العزوزي

أضحى العالم اليوم في تأثير وتأثر مباشرين وتفاعل مستمر ومتزايد مع تطور التكنلوجيا الحديثة، التي تساعد على الانتشار الزائد للمحمولات الإلكترونية وتزايد انتشار الخطاب الإعلامي الاجتماعي السريع، والأكثر قوة وتأثيرًا في العالم بحسب خبراء الإعلام، مما يوحي بمستقبل قوي لهذا الخطاب الإعلامي الاجتماعي الذي يتبوأ صدارة الخطابات الإعلامية الموجهة نحو المخاطبين اليوم.
يبدو أنَّ الإعلام الاجتماعي الحديث أصبح أكثر جرأة وشجاعة في القرن الواحد والعشرين، وصار مصدر قلق لكثير من الحكومات عبر العالم، كما هو الحال أثناء رياح "ويكيلكس"، التي تسببت في انتشارالخوف وسط جنرلات "البنتاغون"، وتسريبات قناة "الجزيرة"، التي أضعفت موقف حاخامات السلطة الفلسطينية مثلاً، و"تويتر" الذي هزّ عرش زين العابدين بن علي الرئيس المخلوغ في تونس، و"فيسبوك" الذي قضى على إمبراطورية حسني مبارك الرئيس المخلوع في مصر، ومعمرالقذافي في ليبيا، والمخلوع الرئيس اليمني، وما زال يزحزح عرش بشار الأسد في سورية، وساهم في هبوب نسائم الحرية على أكثر من بلد عربي وأفريقي وأوروبي.
كل هاته التطبيقات والمواقع  تسمح بإنشاء وتبادل المحتوى الذي يتم إنشاؤه بطريقة سريعة، وعبر نطاق واسع في المكان وفي الزمن.
هذا الإعلام الاجتماعي أضحى عبارة عن شارع يعمل ذهابًا وإيابًا، يأخذ ويعطي الرأي والمعلومة والخبر ويتمكن من المشاركة والتواصل بفعالية، تطلق عليه تسميات مختلفة منها الإعلام المجتمعي أو الاجتماعي أو الجماهيري أو التفاعلي أو الجديد أو إعلام المواطن، أو صحافة المواطن.
وتعاظم دور هذا الإعلام بتوفيره لمساحات واسعة أمام تواصل واتصال الأصدقاء والأهل والتعارف، لاسيما خارج حدود الدولة، فهو يوفر مساحة أكبر كونه يتيح للمشترك فرص عديدة منها تبادل المعلومات وضمان كسب التفاعل والحرية، ويمكن  من صنع برامج عديدة، لاسيما في الأعمال الإعلامية والطوعية والتنموية، إضافة إلى وظيفة تربوية، عبر التواصل والاحتكاك مع التجارب الدولية، ما يمكن أن يشكل تغييرًا كبيرًا في مسار منطقة بأكملها فضلاً عن توفير التطبيقات والوسائل الترويجيًة.
ويجمع جل علماء الاتصال أنَّ الإعلام الاجتماعي،  إعلام مؤثر في المجتمع عكس الإعلام الكلاسيكي، عبر نقل و نشر أفكار الأعمال الطوعية و أفكار الحرية، وإنتشال مجتمعات من حالة الخمول واليأس والذل إلى حالة الكرامة والتفاعل والأمل.
وكل ما حدث، لاسيما في المنطقة العربية، من تطورات وتغيّر مناخي سياسي، كان من صنع هذا الإعلام المجاني الذي أتاح فرصًا كبيرة لاستقطاب وتعبئة جماهير، غيرت خطط وخرائط وسياسات، بل وحتى نجاح الوقفات الاحتجاجية التي عمت بعض مناطق أوروبا والولايات المتحدة الأميركيّة، وبعض دول العالم الأخرى في العقد الأخير، كانت لهذا الإعلام فيها حصة الأسد.
وتمكن الإعلام الاجتماعي من صنع مواطن صحافي، فهو يعيش الحدث ويقوم بتصويره ونقله في دقائق قليلة للعالم، لم يستطع الإعلام التقليدي الوصول اليه، بل أصبح  الإعلام الكلاسيكي يعتمد على معلومة الإعلام الاجتماعي، كما أضحى عمله تأريخيًا أيضًا، إذ وثّق تلك اللحظات وجعلها أرشيفًا للأجيال المقبلة.
وإذا كان دور الإعلام الاجتماعي الحديث قد تعاظم، فإن التخلف ودكتاتورية الأنظمة قد تحد من تعاظمه بطرق شتى وتهدد حرية الشعوب في استخدامها، كما حذر ذات يوم مخترع شبكة النت البريطاني تيم برنرز لي، حين قال "إذا تمكنت شركة ما من بسط سيطرتها على إمكان وصولك إلى الإنترنت، وإذا تمكنت من السيطرة على حريتك في اختيار المواقع التي تزورها، ستكون لهذه الشركة سيطرة كبيرة على حياتك في نهاية المطاف، وإذا تمكنت حكومة ما من منعك من زيارة صفحات المعارضة، على سبيل المثال، ستتمكن من منحك صورة مشوهة للواقع بغية أن تبقي نفسها في السلطة".
وتربع الإعلام الإجتماعي على عرش صاحبة الجلالة السلطة الرابعة التي تزحزحت إلى الترتيب الثاني بعد سلطة الشعب بحلول القرن الحادي والعشرين، كما أنَّ ثورة الإعلام الاجتماعي "Social media" انطلقت وبدأت تسحب البساط من تحت الإعلام التقليدي (الصحافة الورقية والإذاعة والتلفزيون) ، هذا هو الحدث الأهم في الحياة العامة في هذه الأيام والأيام المقبلة.
وتخطت أفكار الشباب الرافضة للسياسات الممنهجة من طرف حكومات بلادهم بسهولة عبر شبكات التواصل الإجتماعي حدود الوطن العربي، على الرغم من أنَّ المواطن العربي يتحرك بصعوبة جدًا داخل تلك الحدود لصعوبة التأشيرة التي تمنحها بعض الدول وترفضها أخرى.
ولا يختلف اثنان على أنَّ الشبكات الاجتماعية التي تهدف في الأساس للتعارف إلا أنها توفر بدائل سريعة ومختصرة ومركزة في اهتمام الأشخاص، ولم تعد - لنسبة كبيرة من مستخدمي شبكات التواصل الإجتماعي - وسائل الإعلام التقليدية المعروفة مثل الصحافة والإذاعة والتلفزيون محط اهتمام الناس.
وتوقع طه يوسف حسن أنّه "في الأعوام والعقود المقبلة قد تتعرض شعبية هذه الوسائل للتضاءل شيئاً فشيئًا، إضافة إلى أنه في خضم التفاعل الإلكتروني يحدث تأثير أشخاص على أشخاص، وثقافات على ثقافات وشعوب على سياسات مثل ما حدث في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن ويحدث الآن في سورية".
وعلى الرغم من المشاكل اللا أخلاقية التي قد تتسم بها مثل هذه المواقع أحيانًا ، حيث إنها أغلقت في بعض الدول لأسباب سياسية أو اجتماعية، مثل تركيا أخيرًا، إلا أنها أصبحت واقعًا ملموسًا مؤثرًا على الحياة العامة والحياة الشخصية والسياسية لمئات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
ولعل ما يؤشر لمستقبل واعد للخطاب الإعلام الاجتماعي هي الفئات التي شرعت، وبطريقة متزايدة وفعالة، في الإقبال عليه وهي فئات من دوائر صناعة القرار، فالسياسيون بدأوا يستخدمون هذه الوسائل للتواصل مع الشباب وبناء علاقة مباشرة معهم وتحسين صورتهم بعد أن التمسوا أهمية هذه المواقع .
وهكذا أخذ الإعلام الاجتماعي بإعادة تشكيل الأسلوب الذي يتعامل به السياسيون مع شعوبهم، فقد بدأ العديد من الدبلوماسيين والسياسيين في العالم باستخدام أدوات الإعلام الاجتماعي لتعضيد علاقاتهم مع شعوبهم، مثل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وحاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، وملكة الأردن رانيا العبدالله، والسياسيين المغاربة كذالك، انطلاقا من رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، ووزير التجهيز والنقل عبد العزيز الرباح، والوزير المنتدب المكلف بالمالية محمد بوليف، وغيرهم من الذين يملكون حسابات شخصية على شبكة "فيسبوك" و"تويتر"، من البرلمانيين والسياسيين، وكذا رجال المال والأعمال، وأصحاب القرار.
ولا يترك الدبلوماسيون والسياسيون اليوم فرصة سانحة لإستخدام هذه الأدوات لإجراء حوارات ونقاشات مباشرة في شأن قضايا ومشاكل المجتمع،الأمر الذي يؤكد مدى تطور الإعلام الاجتماعي.
وأشارت أحدث إحصائية عن الشبكات الاجتماعية الأكثر هيمنة في العالم إلى أنَّ "أكبر 20 شبكة إنترنت اجتماعية يصل عدد مستخدميها إلى أكثر من 700 مليون مستخدم عبر العالم".
ومن الأسواق الأكثر شعبية لشبكات الإعلام الاجتماعي هي الفلبين والمجر وبولندا، فيما تعتبر الصين الدولة الأكثر في المدونات الشخصية، حيث تزيد عن 42 مليون مدونة شخصية، وفي الولايات المتحدة وصلت المدونات فيها إلى أكثر من 26 مليونًا.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعاظم دور الإعلام الاجتماعي في الحياة الإنسانيّة تعاظم دور الإعلام الاجتماعي في الحياة الإنسانيّة



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 15:55 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 تشرين الأول / أكتوبر لبرج الميزان

GMT 04:16 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زكي يوجه رسالة قوية إلى مسؤولي الدفاع الحسني الجديدي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"بريزنتيشن" تؤكد أن مُبررات "صلة" في شأن فسخ تعاقدها غير الصحة

GMT 08:32 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"الأساور العريضة" تصلح لمختلف مناسبات صيف 2018

GMT 11:37 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

ياسمين جمال ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية بعد الطلاق

GMT 01:48 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

علاج الشيب نهائياً وبألوان مختلفة

GMT 17:48 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

تمارين تساعدك في بناء العضلات وخسارة الوزن تعرف عليها

GMT 04:16 2019 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

المغرب يشهد نهضة غير مسبوقة في مجال التنقيب عن النفط

GMT 06:33 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على الفوائد المذهلة لثمرة الرمان على الصحة
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya