الدار السلام - أ.ف.ب
تضع فاطمة ابنها وراءها على دراجة ذات ثلاث عجلات، وتضغط على مقابض يدوية لتحريكها، بدل الدواسات المعتادة للقدمين، وتجوب بها شوارع دار السلام.ففي تنزانيا التي يسجل فيها سقوط عشرة الاف قتيل سنويا بسبب حوادث السير، يعمد بعض الاشخاص الى الدراجات الهوائية للتحايل على ازدحام السير، ويعمد كثيرون من المحرومين من امكانية استخدام اقدامهم الى دراجات ثلاثية العجلات يجري دفعها باليدين بدل القدمين.وتقول فاطمة لمراسل وكالة فرانس برس "لولا الدراجة المدفوعة باليدين لكانت عائلتي عانت كثيرا في كفاحها للعيش".
لكن استخدام الدراجات في دار السلام يكاد يكون حكرا على المعوقين، اذ ان العاصمة الاقتصادية للبلاد دار السلام ذات الخمسة ملايين نسمة تزداد توسعا يوما بعد يوم، وتغزو شوارعها اعداد متزايدة من العربات والشاحنات والسيارات والحافلات الصغيرة.
وتكتظ هذه الحافلات بالركاب، الى درجة يستحيل معها شق الازدحام في داخلها للخروج من بابها، فيخرج بعض الركاب من النوافذ.وفي وسط الزحمة الخانقة، يتجول بهدوء تام البائعون الجوالون، وهم يعرضون بضاعتهم، من قبعات الى كتب في علم النفس، بأسعار زهيدة.
وبحسب ميجاه مبويا مؤسس منظمة اوابا المدافعة عن حقوق راكبي الدراجات في دار السلام، فان "معظم الناس يمضون ما مجموعه 43 يوما في السنة وهم عالقون في سياراتهم".ويقول "انا اتحدث عن هؤلاء الذين يمضون ساعتين ذهابا الى عملهم، وساعتين ايابا الى منازلهم".
وفي خضم هذا الازدحام الخانق والضجيج الكبير المتواصل، يكافح راكبو الدراجات ليحجزوا مكانا لهم بين العربات المتسابقة للخروج من دوامة الزحام.
وقد تظاهر 400 من سائقي الدراجات في الآونة الاخيرة، لاقناع السلطات ان تخصيص اماكن في الشوارع لسائق الدراجات يجنب المدينة الكثير من الازدحام ويجعل الحياة فيها اقل صعوبة، عدا عن انه ينقذ ارواح كثيرين.وينظم مبويا هذا التحرك سنويا منذ العام 2006، وهو على قناعة تامة ان تسهيل حركة الدراجات الهوائية له انعكاسات ايجابية على المدينة بأسرها وليس على الدراجين فقط.وهو يعتقد ان مراعاة سائقي الدارجات ليست مطلوبة فقط من سائقي السيارات، وانما ايضا من المهندسين الذين يرسمون الخطط العمرانية للمدينة.وتعمل السلطات المحلية في المدينة على مشروع "دار رابيد ترانزيت بروجكت" الذي يقضي بان يجري تأهيل عشرين كيلومترا من الطرقات بحلول العام 2015 بغية اطلاق اسطول من الحافلات السريعة للنقل المشترك.
ويقول جيري ويليام سيلا احد المسؤولين المحليين في المدينة "نحن نعمل بجد كبير لتحقيق ذلك".وهو يؤكد ان سائقي الدراجات لن يكونوا خارج اي حسابات عمرانية جديدة.ويضيف "نسعى لان تبقى مدينتنا قابلة للحياة في السنوات المئة المقبلة، لاننا مع هذا النمو نتوقع ان يصل عدد السكان هنا الى 15 مليونا بحلول العام 2025".وهو يعتقد ان السلطات في مدينته، على غرار مدن الشرق الافريقي التي تشهد نموا كبيرا، ينبغي ان تبدأ بتنفيذ خطط تنموية مبتكرة وطويلة الامد.وحتى ذلك الحين، يجد المواطنون انفسهم مضطرين الى التوصل الى حلول يبتكرونها بأنفسهم.
يعمل فيلبير ميشا موصلا للبضائع في مؤسسة فاستا، التي تقدم اسرع خدمة توصيل في المدينة على متن الدراجات الهوائية. وقد جذبت هذه المؤسسة اهتماما وكبيرا خلال ثلاث سنوات لانها تمكنت من توصيل البضائع والسلع بسرعة، من الرسائل الورقية الى قوالب الحلوى، على متن دراجات هوائية تقهر زحمة السير.ويقول فيلبير "عندما ارى السيارات عالقة وانا قادر على المرور، ادرك كم ان الدراجة وسيلة سريعة للتنقل" في هذه المدينة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر