القاهره ـ أ.ش.أ
لا يزال ميشيل بير يتذكر، عندما كان صبياً صغيراً، شعوره بالغثيان والقئ في كل مرة يستقل فيها السيارة. ومنذ أن عمل بير لدى شركة أودي للسيارات أصبحت هذه الذكريات حاضرة في حياته أكثر من أي وقت مضى، لأن أطروحته للدكتوراه تدور حول مسألة: كيف يمكن مواجهة مرض السفر الذي يُصيب ركاب السيارة في الخلف بصفة خاصة؟.
ومن أجل التغلب على هذا الأمر قام ميشيل بير بتطوير نظام يتيح «قيادة خالية من القوة العرضية»، ويُمثل مشروعه هذا اتجاهاً جديداً في مجال تطوير السيارات، لأنه كان يتم حتى الآن ضبط السيارات الصغيرة على وضع أكثر صلابة من أجل الحصول على صورة رياضية عامة قدر الإمكان. ولكن في الوقت الحالي يُفضل المهندسون التعامل مع الأنظمة التي يتم التحكم فيها إلكترونياً، وبالتالي فإنها تعمل على زيادة مستوى الراحة. وتَعد هذه الأنظمة، على الأقل بالنسبة للسيارات التي تنتمي إلى الفئة الفاخرة، باجتياز العوائق والمنعطفات بسلاسة ونعومة.
ويعمل ميشيل بير على مواجهة القوة العرضية باستخدام نظام الحركة والتعليق المتوائم، ويقول :"يقوم نموذجنا الاختباري بنفس الإجراء الذي يقوم به قائد الدراجة النارية عند اجتياز المنعطفات". وقد اتضح ما يعنيه طالب الدكتوراه أثناء اختبار القيادة، حيث إذا تم الضغط بقوة على الحواف الجانبية للمقاعد، فإن الراكب يظل جالساً في وضع مستقيم تماماً. ويمكن القيام بذلك من خلال عناصر زنبركية خاصة مُركبة على المحاور وكاميرات فيديو استشرافية. وعن طريق هذه الوسائل يتم أثناء اجتياز المنعطفات رفع أو خفض السيارة بمقدار يصل إلى خمسة سنتيمترات في غضون أجزاء قليلة من الثانية. وأوضح الخبير الألماني ميشيل بير أنه يمكن معادلة القوة العرضية تماماً حتى سرعة 130 كلم/ساعة.
ومن المتوقع أن يحوز هذا الموضوع على إعجاب الفئة العليا من المديرين؛ حيث يجلس السادة أعضاء مجالس الإدارات في كثير من الأحيان على المقاعد الخلفية، ويحاولون العمل أثناء ركوبهم السيارة. ومَن يرغب، فيمكنه إيقاف فعالية النظام في أي وقت، وبالتالي يمكنه - بحسب الخبير الألماني ميشيل بير - الاستمتاع بشعور اجتياز المنعطفات. ويَعد ميشيل ديك، مدير التطوير بشركة أودي، بإجراء فحص شامل للنظام للتأكد من مدى ملاءمته للدخول في مرحلة الإنتاج القياسي، ويقول :"بالتأكيد سيكون هذا النظام إضافة رائعة للجيل القادم من السيارة Q7 و A8".
أما شركة مرسيدس – بنز فوضعت في اعتبارها أن القوة التي تنشأ عن المنعطفات أقل من القوة الناشئة بسبب عدم استواء سطح الطريق، ولذلك فقد قامت الشركة الألمانية - وفقاً لما أعلنه المتحدث الإعلامي كريستوف هورن - بتطوير نظام حركة وتعليق يُعرف باسم Magic Body Control. ويعتمد هذا النظام على كاميرا استريو مُركبة خلف المرآة الداخلية؛ حيث تقوم هذه الكاميرا «بمراقبة» الطريق أمام السيارة من منظورين مختلفين، ويقوم كمبيوتر السيارة السريع بمعالجة جميع البيانات في الزمن الحقيقي ويتحكم في نظام الحركة والتعليق الفعال. وأوضح كريستوف هورن أنه يمكن في تلك الأثناء السيطرة على القوة بكل عجلة بشكل منفصل، ويقول :"وبالتالي يمكن معادلة حركات جسم السيارة بشكل كامل تقريباً مقارنة بأنظمة الحركة والتعليق الحالية، وبالتالي يشعر الراكب على المقعد الخلفي في الواقع كما لو كان يجلس على سجادة طائرة".
ومن المتوقع أن يدخل هذا النظام مرحلة الإنتاج القياسي مع طرح الجيل القادم من سيارة الفئة S. وهذا أمر طبيعي للغاية، لأن مثل هذه التطورات تتكلف الكثير من الأموال، ومن ثم يتم طرحها لأول مرة غالباً في فئة الموديلات الفاخرة التي تنتجها الشركات الراقية. ومع ذلك فإن هناك شركات، تقوم بإنتاج سيارات أقل تكلفة مثل فورد، تضع هذا الموضوع على جدول أعمالها؛ حيث أعلنت الشركة الأمريكية أن الجيل القادم من سيارتها التي تنتمي إلى الفئة المتوسطة سوف يأتي «بمفهوم جديد تماماً لنظام الحركة والتعليق».
ويتحدث الخبراء في مركز أبحاث شركة فورد بمدينة آخن غربي ألمانيا عما يُعرف باسم تقنيات المعاينة «Preview»، وتدور الفكرة حول تخزين بيانات خاصة بالطرق التي يتم السير عليها كثيراً، واستخدام هذه البيانات لضبط نظام الحركة والتعليق على الوضع المناسب لسطح الطريق المعني.
وتشهد أنظمة الحركة والتعليق المزودة بمدى رؤية معين إقبالاً كبيراً، على الرغم من أن أفكار هذه التقنية ليست جديدة من حيث المبدأ. كما أن تنفيذ هذا الأفكار سوف يستغرق وقتاً طويلاً إلى أن تدخل مرحلة الإنتاج القياسي. ولا أحد يعرف ذلك أفضل من الأمريكي أمير بوس، الذي يعمل في الأصل في مجال الهاي فاي. وقد قام الخبير الأمريكي بتطوير نظام يعتمد على تكنولوجيا السماعات والخوارزميات الرياضية، ويقوم بتوصيل ممتصات الصدمات بمحركات كهرومغناطيسية.
وعند قيادة السيارة بسرعة فإنه يتم تجاوز حواف الرصيف وعبور قضبان السكك الحديدية، دون أن يلاحظ ركاب السيارة أية ارتجاجات. غير أن المطورين يعملون على نظام التعليق Bose بالفعل منذ عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ولا يبدو حتى الآن أن هذا النظام سيدخل مرحلة الإنتاج القياسي قريباً.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر