عمان ـ وكالات
خَلُصَ تقرير رسمي صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن الأردن يحتل المرتبة السادسة في العالم في الاعتماد على الطاقة المستوردة، ولا تسبقه سوى هونغ كونغ وسنغافورة ولكسمبورغ وملدافيا ولبنان، مما رفع من قيمة فاتورة الطاقة لتصل إلى 18 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من النسب الأعلى في العالم.
وأشار التقرير إلى أن التغيير المستمر في إدارة قطاع الطاقة وفلسفته وتوجهاته من أبرز الأسباب التي ساهمت في أزمة ارتفاع الفاتورة النفطية.
وحمل التقرير السياسات الحكومية مسؤولية تفاقم الفاتورة النفطية التي وصلت مع نهاية العام المنصرم إلى 4.6 مليار دينار، وأكد أن عدم إدراك الأبعاد السياسية والتجارية الهشة في اتفاقية الغاز المصري، بسبب علاقة الاتفاقية وخط الغاز مع إسرائيل من جهة، والفساد الإداري والمالي الذي رافق الاتفاقية في مصر من جهة أخرى فاقم أزمة الطاقة في الأردن.
التقرير الذي شارك في إعداده مجموعة كبيرة من الخبراء الاقتصاديين المحليين حمل بالخصوص غياب وزارة النقل عن مشهد الطاقة، الأمر الذي أدى إلى غياب الربط بين التوسع في مرافق التكرير من جهة، واقتناء السيارات من جهة ثانية، ونظام النقل العام والخاص من جهة ثالثة، والاحتياجات من المشتقات النفطية من جهة رابعة. بحسب العرب الأردنية
وتطرق التقرير إلى أن تعثر السياسات الحكومية وتضاربها وتقاطعها فيما يخص ملف الطاقة، وتوفير المشتقات النفطية واستهلاكها كأحد أهم أسباب تفاقم الفاتورة النفطية.
ولفت إلى غياب الرؤية المستقبلية المؤسسية الواعية للتحولات الكبيرة في الطاقة، ولتغييرات أسعار النفط على المستوى العالمي والإقليمي، وتأثير ذلك في الخزينة والمواطن والاقتصاد الوطني، وبالتالي غياب المبادرة العملية لتطوير بدائل محلية.
وانتقد التقرير عدم تطوير أساليب نقل النفط الخام والمشتقات، فقد تراجعت هذه الأساليب من النقل عبر الأنابيب (خط التابلاين) منذ عام 1958 إلى النقل بالسيارات رغم الزيادة المطردة في الاستهلاك، وارتفاع الكلفة المباشرة وغير المباشرة للنقل.
وقال التقرير إن الحكومة غابت عن العمل الهادف لوصول إلى توقيع عقود طويلة الأمد للتزود بالنفط أو الغاز من مصادر مستقرة كالعراق، السعودية، الكويت، الإمارات، قطر، كما غابت الحكومة عن إيجاد بدائل لاستخدامات النفط ومشتقاته سواء في قطاع النقل أو الكهرباء أو القطاع المنزلي والصناعي.
وتضمن التقرير في نقد السياسات الرسمية أن الإدارات الفنية والإدارية في الدولة وهي "وزارة الطاقة، النقل، المالية، الداخلية، التعليم العالي والبحث العلمي"، لم تأخذ موضوع تفاقم فاتورة الطاقة بعامة على أنها مسألة وطنية بالغة الخطورة والإلحاح، وتتطلب الجهد المكثف والخبرات المعمقة والاستثمار الكافي، والمدخلات التكنولوجية المناسبة. فالإنفاق اليومي على الطاقة يزيد على ( 12 ) مليون دينار، منها 10ملايين يومياً للمواد النفطية، وهي أرقام تتجاوز بمرات متعددة الإنفاق على التعليم أو الصحة أو الدفاع.
وقال التقرير إن توزيع المسؤولية بين مختلف الدوائر والإدارات على نحو غير مسؤول وغير مترابط، أضاع الكثير من الفرص، للتزود بالذهب الأسود، إضافة إلى سيطرة الوهم على الحكومات بأن المواطن يستطيع أن يتحمل الأسعار مهما كانت، وأن الأسواق ينبغي تحريرها، وأن الدعم ينبغي أن يتوقف، وهذا ما أوقع الحكومات في إشكالات معقدة؛ بمعنى أن الإدارة الحكومية لم تكن تشعر أنها في أزمة خانقة، تتطلب مسؤولية اجتماعية وأخلاقية أمام الوطن والمواطن، تتمثل في تقديم البدائل، مما جعلها تتراخى في سرعة التنفيذ، متوقعة تحمُّل المواطن كل شيء.
وحمل التقرير الحكومة مسؤولية إضاعة الفرص التي كان يتاح فيها الحصول على نفط أو غاز بأسعار مخفضة أو خاصة، للاستفادة من فروق الأسعار، بتطوير البنية التحتية للنفط، مثل خطوط الأنابيب أو مرافق التخزين الكبرى أو بناء بدائل.
كما أنتقد بطء الإجراءات الحكومية فيما يتعلق بإصدار القوانين والتنظيمات والتشريعات، إلى الدرجة التي تفقد الكثير من وقعها عند صدورها ومنها: قانون الطاقة المتجددة، وترشيد الاستهلاك.
واعتبر التقرير عدم حسم موضوع الامتياز بالتنسيق مع شركة مصفاة البترول الأردنية، ساهم في تضاؤل قدرتها على الاستثمار وتجديد المرافق، الأمر الذي استدعى تخفيض كميات النفط الخام المستورد، وزيادة المشتقات النفطية المستوردة على حساب الاقتصاد الوطني، وعلى حساب المستهلك.
وانتقد التقرير تعامل الحكومة مع ملف الصخر الزيتي والطاقة الشمسية من دون إعطائهما صفة الاستعجال، ومن دون الشعور بضغط الزمن، أوعبء الفاتورة النفطية على المستهلك والاقتصاد الوطني.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر