النقب المحتلة - صفا
يجتاز آلاف المواطنين بالقرى غير المعترف بها في النقب المحتل مئات الأمتار للحصول على المياه، ونقلها عبر صهاريج حديدية، نتيجة حرمانهم منها، ورفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي ربط تلك القرى بشبكات المياه، مما يفاقم من معاناتهم، ويكبدهم أموالًا باهظة.
ويستخدم الاحتلال قضية المياه كسلاح وسياسة عنصرية ممنهجة للتضييق على أهالي النقب، وإجبارهم على ترك أراضيهم والعيش في مناطق أخرى، رغم أن المياه حق أساسي يكفله القانون، وعنصر هام لهؤلاء السكان، لكون الزراعة وتربية المواشي هي مصدر الرزق الرئيس.
ويجد المواطن خالد الأصلع من قرية صوين صعوبة شديدة في الحصول على المياه التي بالكاد تكفي لأسرته البالغ عددها 15 فردًا، ويقول لوكالة "صفا" إن قريته تبعد نحو 7 كيلو متر عن نقطة المياه المتواجدة في الشارع الرئيس على طريق ديمونا، حيث يتم نقلها عبر الصهاريج، وذلك يحتاج لساعات طويلة.
ويعاني نحو 6 آلاف شخص بالقرية من نقص المياه، ووجود طرق وعرة تعيق وصول كميات المياه إلى القرية بأقصى سرعة، دون الانتظار لفترات طويلة.
ويشير إلى أن التجمعات التي تبعد مسافة 4 كيلو متر عن نقاط المياه، يُكلفها نقل الكوب الواحد نحو 70 شيكلًا، في حين أن التجمعات الأبعد يكلفها 100 شيكل، مما يضاعف معاناة السكان في ظل ظروفهم الاقتصادية الصعبة.
ويبين أن المياه تُستخدم للاحتياجات المنزلية فقط، ولا تكفي لذلك، كما أننا لا نستطيع زراعة الأشجار وتربية المواشي التي تحتاج لكميات كبيرة من المياه، موضحًا أن حصوله على المياه يكلفه شهريًا 2500 شيكل.
عقاب جماعي
ويقول رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها بالنقب عطية الأعثم إن سلطات الاحتلال تتبع سياسة ممنهجة تجاه مواطني النقب عبر عدم تزويدهم بالمياه، مما يضطرهم للحصول عليها من مسافات بعيدة، وهذا يكلفهم مبالغ باهظة.
ويعتبر هذه السياسة بمثابة عقاب جماعي ضد المواطنين العرب، مشيرًا إلى أن السلطات الإسرائيلية تعرف أن المياه أساس الحياة، وإذا فقدها الإنسان فمن الطبيعي أن يبحث عنها من مصادر أخرى، وبالتالي تجبرهم على ترك قراهم، وتحقيق سياساتها العنصرية تجاه العرب، ولكن هذا لم ولن يتحقق.
ويشير إلى أن شركة المياه القطرية الإسرائيلية "ميكروت" تزود المدن الإسرائيلية بالمياه من خلال خطوط رئيسة، في حين لا توفرها لسكان النقب.
ولكن بعد مطالبات شديدة والتوجه للمحاكم الإسرائيلية بدأت القرى العربية تحصل على المياه من نقطة وضعت عند هذا الخط، ولكن تكلفهم أموالًا كثيرة من أجل إمداد أنابيب المياه إلى داخل القرى. وفق الأعثم.
ويبين أن خطوط المياه تبعد نحو 4-5 كيلو متر عن بعض القرى بالنقب، ما يجعل ضغط المياه لا يصل إلى هذه القرى، ويضطرون إلى نقلها عبر صهاريج أو شاحنات، لافتًا إلى أن الحصول على كوب ماء واحد يُكلف المواطن ما يقارب 80 شيكلًا.
ويلفت إلى أن المواطنين يعيشون ظروفًا صعبة للغاية، وحصولهم على المياه يكلفهم أموالًا باهظة، كما أن ثمن المياه يكون في كثير من الأحيان على حساب ثمن الدواء والطعام وغير ذلك.
وبشأن وجود تحركات وآليات لإنهاء الأزمة، يؤكد الأعثم أن المجلس الإقليمي يجري تحركات كثيرة بشأن توفير المياه للمواطنين والتخفيف من معاناتهم، لافتًا إلى أنه تم تنظيم العديد من الاحتجاجات والاعتصامات أمام المكاتب الحكومية الإسرائيلية.
ويضيف "وجهنا أيضًا رسائل لكل العالم بما فيها الاتحاد الأوروبي، ومنظمة هيومن رايتش ووتش ومنظمات حقوق الإنسان من أجل الضغط على "إسرائيل" لتغيير سياستها تجاه العرب بالنقب، وعدم التعامل معهم بعنصرية، لأن هذه أراضيهم يسكنون فيها قبل قيام إسرائيل".
ويشير إلى أن "إسرائيل" لا تنصاع لأي قرار دولي، وتخالف كل المواثيق والأعراف الدولية بانتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني، وذلك لأن دول أوروبا والولايات المتحدة لا تفرض عقوبات تجاه سياستها.
تلوث المياه
ويقول مدير مؤسسة النقب للأرض والإنسان أحمد السيد لوكالة "صفا" إن سلطات الاحتلال تُحرم المواطنين بالنقب من المياه منذ زمن طويل بهدف الاستيلاء على أراضيهم وتهجيرهم منها.
ويوضح أن نقل المياه عبر صهاريج حديدية لساعات طويلة قد يعرض المياه للتلوث ولأشعة الشمس، وهذا يؤدي إلى انتشار الأمراض المزمنة، وخاصة بين الأطفال، مبينًا أن هناك عدة حالات مرضية وصلت للمستشفيات نتيجة لذلك، كما وصلتنا طلبات مساعدة من أجل تزويدهم بالأدوية أو بالمساعدات المادية لاستكمال العلاج.
وحول دور المؤسسة، يلفت السيد إلى أن مؤسسته نفذت عدة مشاريع بشأن إمداد تجمعات عربية وقرى نائية بالمياه، من خلال إيصال أنابيب مياه إليها حتى يستطيعون العيش على أراضيهم بكرامة.
ويؤكد أن المساعدات التي نقدمها لا تكفي بالكامل لجميع السكان، ولكنها تخفف من معاناتهم، مبينًا أن مد أنابيب المياه تكلف مبالغ باهظة، وتحتاج لجهود كبيرة ومتواصلة من قبل الجميع.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر