ويلينغتون - أ.ف.ب
اظهرت التعقيدات في عمليات اخراج السفينة الروسية التي علقت في المياه المتجمدة للقطب الجنوبي قبل اسبوعين، درجة المخاطر التي قد تتعرض لها الرحلات السياحية الى القارة الجنوبية ذات المناخ الشديد القسوة.وقد بات القطب الجنوبي في الآونة الاخيرة مقصدا للسياح المقتدرين الراغبين في مشاهدة هذه الاراضي الشاسعة التي تكسوها صفحة الثلج الابيض، وتتحرك فيها جبال الجليد، وتقطنها حيوانات الفقمة وطيور البطريق.لكن الحادثة التي وقعت مع السفينة الروسية "اكاديميك شوكالسكي" العالقة في المياه الجنوبية المتجمدة منذ ليلة عيد الميلاد، القت الضوء على الوجه الخطر لهذه الرحلات في القارة المتجمدة، حيث يقتضي الامر ان تجتاز فرق الانقاذ الاف الكيلومترات للوصول الى هناك، ان وصلت.
وقالت دانييلا ليغت المتخصصة في شؤون السياحة في القطب الجنوبي في جامعة كانتربري في نيوزيلندا، في حديث لوكالة فرانس برس ان قضية السفينة الروسية "تدق لنا جرس الانذار وتذكرنا بان البيئة في القطب الجنوبي هي بيئة شديدة القسوة، سواء على البعثات العلمية او الرحلات السياحية".في العام 1990 كان عدد السياح الذين قصدوا القطب الجنوبي خمسة الاف، ووصل هذا العدد الى 35 الفا في العام المنصرم.ويصل معظم السياح الى المنطقة عن طريق البحر، ويدفعون مبالغ تصل الى 15 الف يورو في مواسم الذروة بين شهري تشرين الثاني/نوفمبر واذار/مارس من كل عام، في مقابل حجرة فاخرة على متن سفينة.
وهناك من يفضلون ان يذهبوا الى القطب الجنوبي في طائرة، وهو ما يتيح لهم تأمل المناظر الطبيعية من الجو.وتعود اول رحلة سياحية الى القطب الجنوبي الى العام 1958، عندما حجز نحو مئة سائح مغامر اماكنهم على متن باخرة ارجنتينية.ومنذ ذلك الوقت، ترتفع الاصوات المحذرة من اثر هذه الرحلات على الطبيعة الخام والهشة للقطب الجنوبي، كما يحذرون من المخاطر الناجمة عن هذه الرحلات على المسافرين انفسهم، مشيرين الى المصاعب التي تحول دون وصول سفن الانقاذ اليهم.وتقول دانييلا ليغيت "الوقوع في منطقة معزولة هو امر شائع في القطب الجنوبي، فاذا حصل شيء ما لأي سفينة كبيرة، يصبح من الصعب جدا الوصول اليها لتقديم المساعدة السريعة لركابها".
وبسبب وجود سفن الانقاذ على بعد الاف الكيلومترات عن القطب الجنوبي، تقع غالبا مهمة الانقاذ والمساعدة على السفن العلمية التي تضطر الى قطع مهماتها، علما ان مهماتها غالبا ما تكون ذات برامج مكثفة بسبب قصر مدة الصيف الجنوبي.والاسبوع الماضي، اعرب ايف فرنيو مدير معهد بول اميل الفرنسي القطبي عن سخطه ازاء اضطرار الفرق العلمية الفرنسية والصينية والاسترالية الى وقف أبحاثها العلمية، لتقديم المساعدة للسفينة الروسية والسياح الذين كانوا على متنها.وقال "لا نطلب ان يكون القطب الجنوبي مخصصا للعلماء فقط، ولكن لا بد للرحلات السياحية ان تكون مدروسة وان يجري التثبت من امكانية ايصال المساعدات اليها في حال وقوع اي طارئ".
وكانت السفينة الروسية "اكاديميك شوكالسكي" علقت في الرابع والعشرين من كانون الاول/ديسمبر على بعد مئة كيلومتر عن قاعدة دومون دورفيل الفرنسية. وقد هرعت لاخراجها من الجليد كاسحة صينية ما لبثت ان علقت هي الاخرى.وبعد جهود مضنية شاركت فيها دول عدة، تم اخراج السفينة الروسية والكاسحة الصينية بسلام قبل ايام.ولهذه الغاية، اضطرت السفينة الفرنسية "استرولاب"، التي تمد القاعدة الفرنسية بالمؤن والمعدات خلال الصيف الجنوبي، الى قطع رحلتها على مدى ايام عدة للمشاركة في اعمال الانقاذ، الى جانب سفن استرالية علمية عدة.وكانت السفينة الروسية تحمل على متنها علماء وسياحا جاؤوا في رحلة تتعقب اثار رحلة المستكشف الاسترالي دوغلاس ماوسون قبل مئة عام، دون ان يكون لها اي هدف علمي جديد.
لكن القيمين على هذا النوع من الرحلات يتحدثون عن فوائد تعود من رحلاتهم على القطب الجنوبي، اذ يشددون على ان السياح القطبيين ما ان يعودوا من رحلتهم يصبحون مدافعين شرسين عن البيئة القطبية.وتعتمد الرحلات السياحية اجراءات مشددة منعا لنقل اي جرثومة او نوع غريب عن بيئة القطب الجنوبي اليه. والسفن التي يزيد عدد ركابها عن 500، تمنع على مسافريها النزول من متنها.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر