طنجة ـ ياسين العماري
عادت المياه الصالحة للشرب إلى مدينة طنجة المغربية، الجمعة، بعد أن عاشت المدينة طوال الأيام الثلاثة الأخيرة، كابوسًا حقيقيًا نتيجة انقطاع مياه الشرب عن منازل المواطنين، مما خلف ارتباكًا كبيرًا، خصوصًا في ظل عدم تواصل الشركة الفرنسية "أمانديس" المكلفة بتزويد الماء إلى كامل ولاية طنجة، لطمأنة المواطنين والحدّ من حالة الغضب في أوساطهم .
ويرجع سبب انفجار قناة توزيع الماء الرئيسة في منطقة أجزناية، إلى أعمال البناء المتواجدة على مشارف المدينة، حيث انقطعت المياه عن أحياء بكاملها لمدة ثلاثة أيام،كحي السانية والشرف ومغوغة والعوامة والمريس وطنجة البالية، ودفع عدم تواصل الشركة مع المواطنين، سواء بتقديم توضيحات أو حتى إعلان السقف الزمني لإعادة المياه، إلى خروج السكان الغاضبة في بعض الأحياء، في مسيرات عفوية، تنديدًا بما أسموه "لامبالاة بعض المسؤولين"، فيما فضّل آخرون التظاهر أمام مقر الشركة الفرنسية، التي طوّقت مقراتها بحشود أمنية كبيرة.
وأفادت هيئات مدنية تابعت الملف، أن انفجار قناة المياه التي تمد المدينة بالماء منذ 1994، هو السبب في ما جرى، وأن الأمر راجع إلى تحرك قوي للآليات والعربات الثقيلة التابعة لورش بناء فوق القناة، مما جعل القناة تتعرض إلى تفكك تدريجي، تلته تسربات باطنية لم ينتبه إليها أحد، الشيئ الذي تسبب في تآكل التربة، ووقوع إنزياحات تحت القناة انتهت بانفجارها.
وقالت مصادر من شركة "أمانديس"، "إن هذا الانقطاع يرجع إلى العطب الذي حدث في إحدى قنوات المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، الذي ينقل الماء إلى المدينة، وأن سبب هذا العطب هي الأعمال التي تقوم بها إحدى الشركات العقارية في المنطقة".
وقد شوهد العشرات من الأشخاص بينهم أسر بكاملها، يحملون الدلاء بحثًا عن المياه في الآبار وبعض الأودية، في منظر لم تعهده مدينة طنجة منذ عشرات السنين، ولم تقتصر ردود الفعل الغاضبة على سكان المناطق المحلية فقط، بل دخلت هيئات سياسية على خط الأزمة، التي لم تشهد لها طنجة مثيلاً منذ سنوات، فقد أصدر قطاع الشباب التابع لحزب "الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"، اليساري التوجه، بيانًا دان فيه كيفية تعاطي السلطات المحلية مع الأزمة، وعدم توفيرها لحلول كفيلة بالحد منها، محملاً السلطات المسؤولية كاملة، لما تتطورت إليه الأوضاع في ظل "الغليان الشعبي"، فيما دعا بيان شبيبة الحزب إلى رحيل الشركة الفرنسية "أمانديس"، التي وصفها بـ"الاستعمارية".
وطالبت "رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين" في طنجة تطوان، عبر نشرة أصدرتها مساء الخميس، بفتح تحقيق في الموضوع، مع "متابعة الجهات المتورطة في تهيئة ظروف هذه الكارثة"، وخصوصًا التحقيق مع الجهة التي أصدرت التراخيص لشركات البناء للعمل بالقرب من القناة المائية الرئيسة التي تزود معظم أحياء طنجة بالماء الصالح للشرب.
وأشارت الرابطة، إلى أنها "لطالما حذرت في رسائل رسمية، المسؤولين في ولاية طنجة، من غياب الأحزمة الآمنة في محيط قنوات المياه التي تزود المدينة بالماء الصالح للشرب، ونبهت إلى احتمال تكرار هذا الأمر، في حالة عدم تطبيق قرار التملك القانوني، الذي يعطي صلاحية نزع الملكية وضمها إلى الدولة، حفاظًا على مصالح المواطنين الحيوية".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر