تغزيرت قرية مغربية يعزلها فصل الشتاء عن العالم
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

تغزيرت قرية مغربية يعزلها فصل الشتاء عن العالم

المغرب اليوم -

المغرب اليوم - تغزيرت قرية مغربية يعزلها فصل الشتاء عن العالم

فتاة تسير الى المدرسة في تغزيرت
تغزيرت ـ أ.ف.ب

 في فصل الشتاء، تصبح قرية تغزيرت المعلقة في اعلى جبل في جنوب المغرب معزولة عن العالم، بسبب انقطاع الطرق الجبلية الوعرة التي تغمرها المياه او الثلوج وغياب التغطية الهاتفية.

يتقدم بوجمعة (30 عاما) بصعوبة على بغله في ممرات جبلية وعرة وضيقة ومحفوفة بالخطر في اتجاه قريته، مشيرا الى ان البغل هو وسيلته الوحيدة لنقل السلع الى حانوته الصغير حيث يبيعها لسكان القرية... لكنه يستخدمه احيانا لمساعدة المرضى في الوصول الى المستشفيات.

ويقول وهو يرافق مراسلي وكالة فرانس برس عبر هذه الممرات، اياما قليلة قبل تساقط الثلوج التي وصلت متأخرة هذه السنة الى المغرب، "تقطع الطرق عند هطول الثلوج والأمطار الغزيرة، لأن منسوب المياه يكون مرتفعا جدا في الوادي. حتى البغال لا تستطيع العبور، وبالتالي يكون الناس في عزلة لمدة طويلة بدون مؤن".

ويروي بوجمعة "يطلب مني الناس في القرية احيانا كثيرة نقل مريض على بغلي، لأن عدد البغال قليل جدا. اما من لا يتمكن من تأمين بغل، فيطلب مساعدة بعض الرجال الذين يحملون المريض على نعش خشبي (مخصص اصلا لحمل الموتى) ويمشون به ساعات طويلة حتى أسفل وادي الزات".

- الموت على الطريق -

بين تغزيرت ووادي الزات، عشرة كيلومترات من المسالك الجبلية الصعبة، قبل الوصول الى اول طريق غير معبدة مؤدية إلى قرية إغرم. هناك، قد يحالف الحظ البعض في العثور على سيارة، والا فعليهم الاستعانة ببغل او مواصلة السير على الاقدام حوالى 23 كيلومترا في اتجاه قرية تغدوين حيث يوجد مستوصف يفتقد الى الكثير من الاساسيات من مستلزمات المشافي والعيادات.

ويقطن تغزيرت الواقعة على بعد حوالى مئة كيلومتر جنوب مدينة مراكش قرابة خمسمئة شخص في حوالى تسعين منزلا مصنوعة من الصخر والطين. 


وتقول تلايثماس المقيمة في القرية مع سبعة من اولادها وعائلاتهم بحسرة، "الحوامل والشيوخ والأطفال المرضى يموتون في الشتاء بسبب عدم وجود مستشفى وغياب التغطية الهاتفية".

وللاتصال بالعالم الخارجي، يضطر الرجال إلى الصعود الى قمة الجبل. ويمكن لوزارة الصحة ان ترسل مروحية لنقل الحالات الطارئة والمستعجلة، لكن سوء حال الطقس يؤدي الى انقطاع الخطوط الهاتفية ما يحول دون التمكن من الاتصال بالوزارة وطلب الغوث. 

ويقول حسن ابو الظاهر (26 سنة) المقيم في تغدوين والذي يعمل مستشارا لخمس قرى منذ تشرين الاول/أكتوبر بعد نجاحه في الانتخابات المحلية، انه تم تسجيل "28 حالة وفاة بين النساء الحوامل والرجال المرضى الذين تم نقلهم على نعوش لإيصالهم إلى المستشفى في تغزيرت منذ 1999".

ويشير الى وفاة طفلين في القرية خلال 2016 "بسبب السعال" وعدم تلقيهما العلاج.

وتروي بلقاس نجمة (50 عاما) "عندما يقترب موعد وضع المرأة الحامل، يضعها رجال فوق نعش يحملونه على أكتافهم ويسيرون به ساعات طويلة"، مضيفة ان بعض النساء يفضلن الانتقال على ظهر البغل، "وذلك يهدد حملهن وقد يفقدن حياتهن في الطريق".

ويقول لحسن آسني (69 عاما) انه سبق له ان نقل قريبا له على نعش الى مستشفى. 

وآسني واحد من المحظوظين الذين يملكون بغلا يحمل عليه مؤنا لإعالة عائلته.

ويقول لفرانس برس "عند ارتفاع منسوب المياه في وادي الزات، نعبر بصعوبة، وعندها تكون نصف المؤن على ظهور البغال قد تبللت وفسدت".

والدقيق أهم هذه المؤن، إذ يصنع منه الخبز، إلى جانب الشاي وزيت الزيتون عناصر الوجبات الرئيسية إبان فصل الشتاء في تغزيرت، كما في باقي مناطق المغرب الفقيرة.

الا ان نقل هذه السلع الأساسية يظل مكلفا وصعبا لسكان القرية الذين يعتمدون في معيشتهم خصوصا على الزراعة وتربية المواشي.

- سلع أساسية بضعف الثمن -

ويقول لحسن انه يستاجر بغلا اضافيا احيانا لان واحدا لا يكفي. ويضيف ان كلفة نقل مئة كيلوغرام من الدقيق قد تصل الى 120 درهما (اكثر من عشرة يورو)، علما ان سعر المئة كيلوغرام من الدقيق المدعوم من الحكومة يقارب 18 يورو.

وتعتمد عائلات كثيرة في قرية تغزيرت على حانوت بوجمعة حيث تباع السلع الاستهلاكية الأساسية باسعار باهظة على سكان القرية المعدمة.

ويبلغ ثمن قنينة الغاز الكبيرة 80 درهما (7,4 يورو) خلال فترات صفاء الطقس، في حين أن ثمنها الأصلي في السوق 42 درهما (3,8 يورو). أما في فصل الشتاء، فقد يصل ثمنها الى 100 درهم.

ويقول بوجمعة ان سبب ارتفاع الاسعار "هو كلفة النقل، إذ ان بغلي غير كاف لنقل كل السلع، فأضطر لاستئجار ثلاثة أو أربعة بغال أخرى ب300 درهم".

وللاقتصاد في مصروف الغاز، تخرج النساء في وقت مبكر كل يوم بحثا عن الحطب في الجبال الوعرة لساعات طويلة قبل ان يعدن في منتصف النهار، وبينهن بلقاس نجمة التي كانت تعد خبزا لأطفال متحلقين حولها، فيما تحرك بيديها المتشققتين بين الحين والآخر الحطب داخل التنور المصنوع من التراب.

وتغزيرت واحدة من عشرات القرى المغربية التي تعاني مثل هذه العزلة في الشتاء.

وتنعكس العزلة ايضا على تعليم الاطفال.

ويقول ابو الظاهر "منذ 1994، لم يسبق لأحد من أبناء تغزيرت أن تجاوز المرحلة الابتدائية بسبب العزلة، وأنا واحد منهم، فقد توقفت عن الدراسة في السنة الرابعة ابتدائي".

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغزيرت قرية مغربية يعزلها فصل الشتاء عن العالم تغزيرت قرية مغربية يعزلها فصل الشتاء عن العالم



لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 09:24 2024 الإثنين ,12 شباط / فبراير

تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - تعرف على أبرز إطلالات شرقية فاخرة من وحي النجمات
المغرب اليوم - عودة الرحلات الجوية عبر مطار ميناء السدرة النفطي

GMT 16:10 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021
المغرب اليوم - الألوان الدافئة والاستلهام من الطبيعة أبرز صيحات ديكور 2021

GMT 19:06 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الأسد

GMT 10:35 2016 الأحد ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ندوة حول "أطفال الشوارع" في مركز "عدالة ومساندة" الأحد

GMT 19:42 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

باتشوكا المكسيكي يقصي الوداد من كأس العالم للأندية

GMT 20:05 2017 الإثنين ,30 كانون الثاني / يناير

إيسكو يلعب عددًا بسيطًا من المباريات مع ريال مدريد

GMT 04:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

عطيل عويج يُبيّن سبب تعاقده مع فريق الفتح المغربي

GMT 03:00 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم مراكش بديكوراتها الجديدة تستقبل العام الجديد 2016

GMT 07:25 2015 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عصابة مدججة بالسيوف تحاول اغتصاب فتاة وسط الناظور
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya