الرياض - المغرب اليوم
في سماء السعودية ووسط درجات حرارة كبيرة تتخطى أحياناً حاجز الـ 45 درجة مئوية، تعتبر الطاقة الشمسية من أهم الموارد البديلة لإنتاج الطاقة الكهربائية، لا سيما أنها أحد المجالات التي تستحوذ على اهتمام متزايد لدى الداعين والباحثين عن «الطاقة النظيفة». يأتي ذلك في ظل توقع خبراء ومختصين أن تتحول السعودية إلى واحد من أهم منتجي الطاقة الشمسية النظيفة في العالم، خاصة وأن الرياض خصصت مؤخراً نحو 108 مليارات دولار لإطلاق مشاريع عملاقة يتوقع أن تنتج كميات ضخمة من الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية.
ووفق أحدث التقارير فإن السعودية ستتمكن من تشغيل محطات للطاقة الشمسية بقدرة إنتاجية عالية بحلول عام 2032، وهي المشاريع التي من المفترض أن تلبي أكثر من 30 في المائة من حاجات البلاد من الكهرباء.
ويؤكد الدكتور أسامة الفلالي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، أنه على الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها السعودية عن طريق مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وبعض الجامعات بهدف الاستفادة القصوى من الطاقة الشمسية، فإن النتائج ما زالت غير مرضية، بينما التوقعات المستقبلية تبشر بالخير.
ويلفت الفلالي إلى أنه إذا تم استخدام الطاقة الشمسية في السعودية بطريقة تجارية وعلى نطاق واسع، فسوف تصدر الدولة الطاقة إلى كثير من دول العالم، مشيراً إلى أن تجربة محطة التحلية المقامة في الخفجي والتي ستعمل بالطاقة الشمسية فقط إذا نجحت، ستعمم على جميع محطات التحلية في الخليج العربي وساحل البحر الأحمر، وتوفر النفط والغاز لكي يتم استخدامهما في استخدامات أخرى بديلة.
وأضاف الفلالي إن السعودية تحتل ثاني أفضل مصدر للطاقة الشمسية بعد صحراء أتاكاما في تشيلي.
وخصصت السعودية مبلغ 108 مليارات دولار لإطلاق مشاريع عملاقة يتوقع أن تنتج كميات ضخمة من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، حيث يتوقع ان تتمكن المملكة من تشغيل محطات للطاقة الشمسية بقدرة انتاجية تصل الى 41 جيجاوات بحلول العام 2032.
ووصفت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية هذه المشاريع السعودية العملاقة بأنها "طموحة"، وقالت ان السنوات المقبلة ستكون كفيلة باختبار هذه المشروعات وقدرتها على النجاح. وتوقعت في تقرير لها أن تنجح السعودية في تصدير الطاقة الشمسية الى كل من مصر ودول أوروبية خلال السنوات القليلة المقبلة.
ونقلت جريدة "فايننشال تايمز" عن الرئيس التنفيذي لـ"سيمنز للطاقة - الشرق الأوسط" ديتمار سيرسدورفر قوله: "ان النمو السكاني المضطرد والتوجه نحو التصنيع يقود الى استهلاك غير مسبوق للطاقة في منطقة الخليج".
وأضاف سيرسدورفر: "في المستقبل يجب أن تتضمن الطاقة في منطقة الشرق الأوسط مصادر متجددة".
وقال الخبير في مجال الطاقة حجاج بو خضور أن السعودية لديها كافة العوامل والعناصر اللازمة لإنجاح هذه المشروعات وبجدارة عالية، مؤكداً أن "الطاقة الشمسية ستمثل اضافة بالغة الأهمية للاقتصاد السعودي.
وبحسب بو خضور، فإن السعودية ستتمكن من تصدير الطاقة الشمسية الى العديد من الدول المجاورة خلال السنوات المقبلة، فضلاً عن أنها ستتمكن من سد جزء كبير من احتياجاتها الكهربائية من هذه الطاقة النظيفة والمتجددة.
وشرح بو خضور العديد من الانعكاسات الاقتصادية للطاقة الشمسية على الاقتصاد السعودي، حيث قال أنه سيوفر كميات كبيرة من النفط المستهلك محلياً، بما يؤدي الى رفع قدرة المملكة على التصدير، وبالتالي يزيد من ايراداتها المالية.
كما أكد أن هذه المشروعات العملاقة ستوفر آلاف فرص العمل للسعوديين، فضلاً عن أنه سيعزز من التنوع الاقتصادي للمملكة، ويخفف من اعتماد الاقتصاد المحلي على النفط، بما يؤدي في النهاية الى اقتصاد أقوى من أي وقت مضى.
وتستهلك السعودية «إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط الخام في العالم»، بحسب معلومات حديثة، ما يتراوح بين 30 و35 في المائة من حجم إنتاجها اليومي من النفط الخام خلال الفترة الحالية في السوق المحلية، حيث يذهب معظم هذا الاستهلاك في المملكة إلى إنتاج كل من «الكهرباء»، و«المياه المحلاة».
وفي الوقت الذي تسعى فيه السعودية لأن تصبح رائدة في مجال الطاقة الشمسية والمتجددة، دشنت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة باكورة مشروعاتها الاستدلالية، التي تستهدف دعم معدلات إنتاج الطاقة المتجددة في البلاد.
من جهته، قال الدكتور خالد السليمان، نائب رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة للطاقة المتجددة في السعودية، خلال مؤتمر صحفي عقد في الرياض «مشروع أطلس للكشف عن مواقع الطاقة المتجددة يعتبر البيئة الأساسية لمشروعات الطاقة المتجددة في المملكة».
وبيّن السليمان خلال المؤتمر أهمية هذا المشروع الوطني في دعم مستقبل الطاقة المتجددة والنظيفة في المملكة، وما سيوفره «أطلس» من القراءات الأرضية بنحو شمولي من مواقع مختلفة، لبناء قاعدة بيانات يستفاد منها في تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه والاستفادة منها في النواحي البحثية لتطوير التقنيات والحلول المناسبة لأجواء المملكة ومناخها المختلف في مناطقها المتعددة.
وأشار السليمان إلى أن قياس مصادر الطاقة المتجددة موضوع مهم وضروري جداً عندما تستهدف المملكة برنامجاً طويل الأمد، وقال «يترتب على ذلك ضرورة تحديد الاحتياجات الأولية، ومن أهمها استيعاب وفهم طبيعة الموارد المتجددة التي نملكها، وعلى سبيل المثال، ينبغي معرفة مستوى جودة الإشعاع الشمسي في المملكة، التي تحتاج من أجل تطويعها كمشروعات محطات شمسية كبيرة لإنتاج الكهرباء إلى دراسة شمولية، حيث لابد من دراسة عناصر فنية كثيرة لتسهيل احتياجات من يعمل على تطوير الطاقة الشمسية في موقع جغرافي محدد، ومن أهمها تحديد جودة الإشعاع الشمسي، حيث تحتاج إلى دراسة نوعية الإسقاط الشمسي وقوته ومدى تأثير العوامل المناخية والجغرافية الأخرى، مثل «الغبار، والرطوبة، والرياح السطحية، والتربة، والعوامل المسببة للصدأ، ودرجة ميلان الأرض، ووفرة المياه، والظل الطبيعي من الجبال، وغيرها من العوامل التي ستؤثر على إنتاج الكهرباء».
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر