الرباط_ المغرب اليوم
في خطوة جريئة وصريحة، دعا عدد من المثقفين والنشطاء والفنانين المغاربة إلى عدم التصويت على حزب العدالة والتنمية، بمبرر أنه يحمل مشروع عالم الدين الإسلامي ابن تيمية ووصف المعنيون، ضمن نداء “لا تصوّتوا لأجل ابن تيمية.. صوّتوا على الديمقراطية”، العالم ذاته بأنه “رجل دين متطرف من القرن الـ13م، معروف بتأويله العنيف ورؤيته الدموية للإسلام”.
النداء، الذي وقّعته عشرات الأسماء المعروفة في مجالات الفكر والثقافة والفن والنضال الحقوقي، دعا المواطنين إلى المشاركة بكثافة في الاستحقاقات التشريعية للسابع من أكتوبر، “بمنح أصواتهم للحزب الذي يختارونه، والامتناع عن التصويت لحزب العدالة والتنمية ما دام لم ينسلخ عن إيديولوجيته ولم يصبح حزبه يحترم المبادئ الكونية للديمقراطية، التي لا تنحصر في كونها آلية لاختيار المنتخبين”.
وفي مقابل المشروع الحداثي الذي يطرحه النداء، انتقد الأخير إيديولوجية حزب العدالة والتنمية على أنها مرتبطة بفكر ابن تيمية، “الذي هو رجل دين متطرف من القرن الـ13 م، معروف بتأويله العنيف ورؤيته الدموية للإسلام”، مضيفا أن هذه الإيديولوجية “تتعارض بشدة مع قيم الديمقراطية، وأخطر من ذلك أنها تهديد لازدهار ورفاهية المواطنين، أي معيق لتقدم المغرب نحو الحداثة”.
وشدد النداء على ضرورة التوجه “بعزم نحو الحداثة بشكل غير قابل للانتكاس والمساهمة في ترسيخ وبناء الدولة العصرية، معتبرا أنه لا توجد حداثة “دون الاعتراف والإقرار بحقوق الأفراد مهما كانت أصولهم ومعتقداتهم ودياناتهم وتوجهاتهم الشخصية”، و”دون حماية للأقليات، وتحرر كامل للنساء ومساواة مثالية بين الرجل والمرأة في جميع أبعاد الحياة المجتمعية من الأسرة والجنسية والإرث”.
وتوقف النداء عند علاقة حزب العدالة والتنمية بالحقل الديني، مؤكدا أن الأخير محفوظ دستوريا للملك بصفته أميرا للمؤمنين، وينظمه بمقاربة “معتدلة للإسلام مع مراعاة لخصوصية الشعائر الدينية المغربية”، مشيرا إلى أن وجود حزب يستمد مشروعيته من المرجعية الدينية “يشكل تناقضا صارخا”، مردفا: “لو تسامحنا مع حزب يستند إلى المرجعية الدينية، سنقبل في نهاية المطاف باستغلال كل الأحزاب السياسية للحقل الديني مما يفضي إلى مزايدات خطيرة وينذر بظهور انحرافات متطرفة”.
وتابعت الوثيقة قولا إن الاستعانة بالدين في الحقل السياسي “تنافس غير شريف في حق باقي المكونات السياسية التي لا تستثمر هذا المجال، في حين أن حزب العدالة والتنمية لا يتردد في الاعتماد على شبكة المدارس القرآنية والجمعيات الإحسانية السابحة في فلكه”، لتضيف أن الغنى “في الوحدة الدينية للمواطنين المغاربة المسلمين والوحدة المذهبية تعتبر مكسبا ثمينا بات مهددا”، على أن وجود حزب سياسي “يستعمل الدين ينذر بأن يصبح الدين ذاته عامل تشرذم وتفرقة”.
إلى ذلك، اعتبر الموقعون على النداء أن من وصفهم “الديمقراطيين” من مكونات المجتمع المدني الحداثي “ساهموا، بشكل بارز خلال السنوات الخمس الفارطة، في جهود إقامة سور منيع ضد أطماع الهيمنة بواسطة الإسلام السياسي”، معتبرا أنه “لو لم يكن هذا الدور لكان البلد خاضعا لمشروع مجتمعي ارتكاسي كئيب يحاول هذا الحزب فرضه فرضا”، وفق تعبيره.
وتتجلى مظاهر ذلك المشروع، حسب النداء، في “قنوات تلفزية معربة بالكامل، في حين الأمازيغية وبعض اللغات الحية مقصية، نظام أخلاقي يطوق المهرجانات، وأدمغة مغسولة ومحجور عليها، وزوجات تتعرضن لمختلف أنواع وأشكال العنف ومحرومات من أبسط آليات الحماية.. في حين المناصفة بين الرجال والنساء ومشروع التنويع الثقافي مرجاة إلى أجل غير مسمى”، مضيفا وجود “تعليم بدون لغات أجنبية، تأويل محافظ للدستور وهجوم على مؤسسات وهيئات حماية حقوق الإنسان والحريات”.
وبلغ عدد الموقعين على النداء بشكل أولي 63 مغربيا من عوالم السياسة والفن والثقافة وحقوق الإنسان. ومن أبرز تلك الأسماء الكاتب والشاعر صلاح الوديع، وكل من الكاتبين والباحثين أحمد عصيد وسعيد لكحل، والمخرج السينمائي كمال هشكار والمنتج والمخرج نبيل عيوش، وفتاح بناني رئيس بيت الحكمة، والناشطتان في مجال حقوق الإنسان فوزية العسولي وجميلة السيوري، بجانب الممثلات لطيفة أحرار وآمال الأطرش وفاطمة الزهراء الجوهري.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر