عمار شيخي – الرباط
تعتبر لجان تقصي الحقائق بمجلس النواب المغربي آلية من آليات مراقبة العمل الحكومي بالمملكة المغربية، ، وهي هيكل مؤقت للجان النيابية بمجلس النواب، ويجوز أن تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، ويناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكّلها على نتائج أعمالها (الجلسات المخصصة لتقديم أعمال لجان تقصي الحقائق)، وفق الشروط الواردة في الفصل 67 من الدستور والقانون التنظيمي الذي يحدد تسييرها، وهو القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق.
وتعتبر لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها، وتنتهي أعمالها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني، وعند الاقتضاء، بإحالته إلى القضاء من قبل رئيس هذا المجلس. ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، مادامت هذه المتابعات جارية؛ وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها.
وشهد المغرب منذ سنة 1979، تشكيل ست لجن لتقصي الحقائق:
الأولى: تتعلّق بلجنة برلمانية للبحث والتقصي حول تسرب مواد امتحانات البكالوريا لدورة مايو/أيار 1979، تم تشكيلها بتاريخ 30 مايو/أيار 1979، وصادق مجلس النواب على الملتمس المعدل الرامي إلى تكوين لجنة برلمانية للبحث والتقصي في 30 مايو/أيار 1979، حول سير امتحانات الباكالوريا لدورة مايو/أيار 1979، وقد تشكلت من 21 عضوا يمثلون كل الفرق البرلمانية، واتصلت هذه اللجنة في هذا المجال بوزارة التربية الوطنية وتكوين الأطر، وشرعت اللجنة في عملها الذي استغرق مدة لا تقل عن 60 ساعة مستمعة إلى 62 شاهدا، وخلصت نتائج أشغال هذه اللجنة بعد خمسة أيام من التحري إلى رأيين، الأول يرى فيه أربعة أعضاء أنه ليس هناك تسرب بالمرة، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد أعمال غش وتدليس عادية، قصد خلق جو البلبلة والأضرار بحسن سير الإمتحان. و رأي آخر، اجتمع حوله سبعة عشر عضوا، ويقرون بوجود تسرب في امتحانات البكالوريا مع اختلاف في تحديد مداه.
الثانية: لجنة تقصي الحقائق عقب أحداث فاس، على إثر الإضراب العام، بتاريخ 11 ديسبمر/كانون الأول 1991، وتكونت اللجنة بناءً على طلب التماس تقدمت به رئاسة المجلس آنذاك، نيابة عن كافة الأطراف والمنظمات السياسية والنقابية، وتمت الموافقة الملكية على تشكيل هذه اللجنة التي ضمت 25 عضوا، منهم 9 أعضاء من المعارضة، واقترحت اللجنة في نهاية أشغالها "ضرورة الإسراع بمعالجة المشاكل المتعلقة بالسكن الصفيحي والسكن غير اللائق والبناء العشوائي واتخاذ التدابير اللازمة لتحديد المسؤوليات".
الثالثة: صادق مجلس النواب بالإجماع، طبقا للدستور وللقانون التنظيمي، على تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق في موضوع المخدرات، بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 1995، والمكونة من 20 عضوا من مختلف الفرق. واستدعت اللجنة مسؤولين للإدلاء بالإفادات والمعلومات، منهم وزير الدولة في الداخلية ووزير الصحة ووزير الفلاحة والاستثمار الفلاحي، ومدير الجمارك بالنيابة، ووزير المال والاستثمارات الخارجية، والمدير العام لشركة التبغ، وقائد الدرك الملكي. وخلصت اللجنة إلى "الإقرار بحقيقة الوضع فيما يخص قضايا المخدرات ووضعها في إطارها الصحيح، مما يعني أن هذا المشكل مشكل وطني مغربي، يحتاج لحلول مغربية في إطار سياسة شمولية، تضع برنامجا طويل المدى لإرساء بنيات بديل تنموي لحل مشكلة زراعة الكيف بالتركيز على منطقة الريف بصفة عامة والمناطق المعنية بهذه الزراعة بصفة خاصة".
الرابعة: لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول وضعية مؤسسة القرض العقاري والسياحي، تم تشكيلها طبقا للفصل 42 من الدستور والمواد، من 75 إلى 78 من النظام الداخلي، وتشكلت اللجنة تحت رئاسة إدريس لشكر، والتي دامت أشغالها من 12 يوليوز 2000 إلى 9 يناير/كانون الثاني 2001. وبعد ستة أشهر من الأشغال، قدم تقرير اللجنة أمام مجلس النواب في جلسة عمومية يوم الأربعاء 17 يناير 2001، كما تم توزيعه ونشره في الجريدة الرسمية.
الخامسة: لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول الأحداث التي شهدتها مدينة سيدي إفني، بتاريخ 18 يونيو/حزيران 2008، وتكوّنت من خمسة عشرة عضوا، وقامت بتجميع المعلومات المتعلقة بوقائع الأحداث ومجرياتها وتداعياتها، والوقوف على الأسباب التي أدت إلى وقوعها، والطبيعة التي اكتساها احتجاج بعض المواطنين خلالها وطبيعة التدخل الأمني وما ترتب عنه من نتائج. وأنهت اللجنة أعمالها بإيداع تقريرها لدى المصالح المختصة.
السادسة: لجنة نيابية لتقصي حقائق أحداث كديم إيزيك وأعمال العنف والشغب بمدينة العيون، تم تشكيلها بتاريخ 27 نوفمبر 2011، بدعوة من عبد الواحد الراضي رئيس مجلس النواب آنذاك، وذلك طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير لجان تقصي الحقائق، وترأس رئيس مجلس النواب يوم السبت 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، الاجتماع الأول للجنة النيابية لتقصي الحقائق حول "أحداث مخيم كديم إيزيك وأعمال العنف والشغب التي شهدتها مدينة العيون أخيرا"، حيث خصّص الاجتماع لهيكلة اللجنة وانتخاب أجهزتها قصد الشروع في عملها. وخلصت اللجنة إلى أن "المطالب المشروعة والسلمية لجزء من ساكنة العيون، سرعان ما تم الالتفاف عليها في صفقة مخطط لها بين مجرمين، لتحويلها إلى حدث يستهدف وحدة المغرب وزعزعة استقراره".
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر