مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني
آخر تحديث GMT 06:12:26
المغرب اليوم -

"مالطا" جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

"مالطا" جمال طبيعي
القاهرة - ندى أبو شادي

ثمّة جوهرة تكاد تكون منسيّة في عرض البحر المتوسط. تكثرّ فيها سبحة التاريخ إلى ما قبل الأهرامات، وتمتزج خضرة زيتونها العتيق بزرقة المياه المتهالكة على سواحلها المتعرّجة بين الأخاديد التي يحبس جمالها الأنفاس. إنها مالطا... واحة من السكينة والتاريخ عائمة على مرمى حجر من جزيرة صقلية... وعلى مقربة من تونس التي أخذت عن لهجتها ثلث لغتها الهجينة بين الإنجليزية والإيطالية ولغة الضاد في مزيج ما زالت الألسنية حائرة عن فك ألغازه.

منذ أن انضمت مالطا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 أصبحت من الوجهات السياحية المفضّلة لدى الأوروبيين. تنافس جزيرتي كريت وايبيثا، وتستقبل ما يزيد عن 4 ملايين سائح سنويا مقابل عدد سكانها الذي لا يصل إلى نصف مليون موزّعين على مساحة لا تزيد عن 200 كيلومتر مربع. لكن تكفي جولة سريعة في العاصمة فاليتا، وهي بمثابة الحي القديم في الجزيرة، ليتبيّن الزائر مفاتن مالطا ويدرك لماذا تجذب هذا العدد المتزايد من السيّاح.

جمالها لا يمكن فصله عن تاريخها، بل هو ثمرة هذا التاريخ الذي تعاقب عليها منذ آلاف السنين الفينيقيون والإغريق والرومان والعثمانيون والبريطانيون.. كلهم مرّوا من هنا وتركوا بصمات ما زالت إلى اليوم تشهد على تنوّع هويّة هذه الجزيرة وتعدد مشاربها الثقافية والعمرانية.

فاليتا هي أول مدينة أوروبية بُنيت وفقاً لمخطط عمراني متكامل في القرن السادس عشر، وفيها ما يذكّر بشوارع القدس العتيقة وبالأحياء القديمة في قرطبة عاصمة الخلافة الإسلامية في الأندلس. دروب ضيّقة تظللها الشرفات الخشبية المغلقة، مرصوفة بالحجارة القديمة. وعلى جوانبها تقوم المباني الأنيقة التي سكنها النبلاء وفرسان مالطا الذين تأسست المدينة على أيديهم. واجهات المتاجر والحوانيت الصغيرة تبدو طالعة من الأفلام السينمائية الأولى أواخر القرن التاسع عشر، والحجر الصخري نفسه يطالعك في كل الأبنية المزخرفة بالتماثيل والمنحوتات، والتي تفاجئك من حين لآخر بإطلالة أخّاذة على الشاطئ اللازوردي الذي يزنّر الجزيرة.

- أهم مناطق الجذب فيها

من الأماكن التي لا بد من زيارتها في فاليتا قلعة سانت إيلمو المبنية أواسط القرن السادس عشر والتي أصبحت اليوم مقرّ قيادة الشرطة، لكنها مفتوحة للسيّاح طوال أيام الأسبوع. ومن موقعها في أعلى نقطة من العاصمة، تشرف على أجمل المناظر والمباني الأثرية مثل نزل قشتالة الذي كان مقرّ الفرسان الإسبان والبرتغاليين المكلّفين بحماية الجزيرة.
 
ثم كاتدرائية القديس يوحنا التي تضمّ متحفا يحوي مجموعة من أعمال الرسام الإيطالي الشهير كارافاجيو الذي عاش فترة قصيرة في مالطا واضطر للهرب منها لاتهامه بالضلوع في جريمة قتل.

وتشهد فاليتا منذ سنوات ورشة كبيرة من الأعمال الترميمية والمشاريع الطليعية التي يشرف عليها المهندس الإيطالي الذائع الصيت رنزو بيانو، بمناسبة إعلان المدينة عاصمة أوروبا الثقافية لعام 2018.

وتبقى الشواطئ والمنتجعات الساحلية المقاصد الرئيسية للسياح في مالطا. أجملها يوجد في جزيرة غوزو الصغيرة المحاذية للجزيرة الكبرى، حيث توجد آثار فريدة من نوعها في العالم تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد. وتشتهر غوزو بشواطئها الجميلة وصفاء مياهها التي يرتادها هواة الغطس والاستكشاف تحت الماء، والموانئ الصغيرة المخصصة للصيادين الذين ما زالوا يستخدمون القوارب الخشبية المصنوعة على الطراز الفينيقي والتي تتميّز بالعينين المرسومتين على كوثلها. وقد ازدهرت في هذه الجزيرة مؤخرا السياحة الريفية في المناطق الزراعية الداخلية التي ما زال سكانها يمارسون طقوس الحياة القديمة في أجواء نادرة من الطمأنينة والهناء.

ولا بد قبل إنهاء الزيارة إلى مالطا من جولة على بعض متاحفها الفريدة، مثل المتحف الحربي الذي يعرض للمعارك التاريخية التي عاشتها هذه الجزيرة كالحصار العثماني المديد في القرن السادس عشر، والقصف العنيف الذي تعرضت له على يد الطيران النازي في الحرب العالمية الثانية حيث كانت من القواعد البحرية الرئيسية للحلفاء... أو متحف محاكم التفتيش التي بقيت ناشطة في مالطا حتى نهايات القرن الثامن عشر... أو متحف السيارات الذي يضمّ مجموعة فريدة في العالم من السيارات القديمة.

تغادر هذه الجزيرة مسكوناً بشعور من الغبطة تجاه سكانها الذين لا يعرفون مشكلة اسمها الحدود، وبدهشة من كثرة المفردات العربية التي تطالعك في لسان أهلها بما يدفعك إلى مخاطبتهم عفويّاً بلغة الضاد. وإذ تجول أمام كنائسها التي يزيد عددها عن الثلاثمائة ولا تقفل أبوابها أبداً، تدرك من أين جاء القول (كالمؤذّن في مالطا) ، علماً أن المالطيين هم الأكثر انفتاحاً على العرب والمسلمين بين أترابهم الأوروبيين.

libyatoday
libyatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني مالطا جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني



GMT 14:34 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على جزيرة الزجاج الساحرة "مورانو" في إيطاليا

GMT 09:13 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل الأماكن السياحية الساحرة في "فيتنام"

GMT 07:30 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشفي أروع شواطئ اليونان للاستمتاع بعطلة لا تنسى

لتستوحي منها ما يُلائم ذوقك واختياراتك في مناسباتك المُختلفة

تعرّفي على أجمل إطلالات نيللي كريم الفخمة خلال 2020

القاهرة - ليبيا اليوم

GMT 18:57 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الأربعاء 2 كانون الأول / ديسمبر لبرج الثور

GMT 14:07 2016 الجمعة ,16 أيلول / سبتمبر

الأبنوس

GMT 15:05 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

نيمار يبلغ سان جيرمان برغبته في الرحيل هذا الصيف

GMT 14:42 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

السالمية الكويتي يبدأ مشواره العربي بلقاء الشبيبة الجزائري

GMT 15:23 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

سنوات يفصلها رقم

GMT 11:24 2019 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك محمد السادس يرسل برقية تعزية إلى الرئيس الكاميروني

GMT 13:45 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

أول صالون تجميل يستقبل المحجبات في نيويورك

GMT 23:50 2019 الأحد ,02 حزيران / يونيو

باتريس كارتيرون يُراقِب العائدين من الإعارة

GMT 00:14 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

السعودية تنفذ حكم القتل تعزيرًا في حق صدام حسين

GMT 20:47 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

"الوطني للسكك الحديدية "يعلن عن تخفيضات في تذاكر القطار

GMT 10:42 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حركة إعفاءات وتغييرات جديدة في صفوف الدرك الملكي

GMT 02:26 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

ورق جدران بألوان جذابة لديكورات غرف معيشة مبهجة

GMT 22:03 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

صعقة كهربائية تودي بحياة شاب في سلوان
 
libyatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

libyatoday libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday libyatoday libyatoday
libyatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
libya, Libya, Libya