فساد ومنشطات ومداهمات بوليسية وتحقيقات قضائية ونجوم كبار في بؤرة الاتهام ، هكذا كان حال الرياضة العالمية في 2017 ، العام الذي خسرت خلاله المزيد من مصداقيتها المتضررة بالأساس.
ولم يكن العام الجاري بالسهل والبسيط بالنسبة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" واللجنة الأولمبية الدولية، المؤسستين الأكبر في الرياضة العالمية.
ولم يتمكن الفيفا في هذا العام من التخلص بعد من أثار فضيحته الشهيرة "فيفا جيت" التي هزت أركانه قبل عامين، فيما عصفت الانتقادات بالأحداث الرياضية التي تنظمها اللجنة الأولمبية الدولية وخاصة الدورتين الأولمبيتين الأخيريتين.
وتعرض اختيار مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية لتنظيم أولمبياد 2016 لانتقادات واسعة بسبب وجود مزاعم شراء أصوات لصالح المدينة خلال عملية التصويت على ملفات المدن المرشحة لاستضافة هذا الحدث ، بالإضافة إلى الجدل الكبير التي أثارته أولمبياد سوتشي الشتوية 2014 على خلفية ارتباطها بفضيحة المنشطات في الرياضة الروسية.
وها هي المنشطات عادت مرة أخرى لتلقي بظلالها على الإنجازات الرياضية وتشير بأصابع الاتهام إلى رياضيين من العيار الثقيل ، فقد أصبحت قضية روسيا ولجنتها الأولمبية ، التي عوقبت مؤخرًا بالإيقاف والحرمان من المشاركة في أولمبياد بيونتشانغ الشتوية المقبلة ، بالإضافة إلى معاقبة العشرات من الرياضيين الروس بالإيقاف مدى الحياة، في بؤرة الجدل في الآونة الأخيرة ولكنها ليست الوحيدة في هذا الصدد.
وطالت فضائح المنشطات خلال 2017 كلًا من الدراج البريطاني كريس فروم والعداء الأميركي جاستين جاتلين ، اللذين باتا مطالبين بتقديم تفسيرات لموقفهما في هذه القضية.
وسقط فروم، بطل سباق فرنسا "تور دو فرانس" أربع مرات في اختبار للكشف عن المنشطات في سباق إسبانيا "لا فويلتا" الأخير ولكن لم يصدر في حقه عقوبة بعد من قبل الاتحاد الدولي للدراجات.
أما بالنسبة لجاتلين ، فقد وضعه في دائرة الاتهام مدربه دينس ميتشيل الذي توقف عن العمل معه بعد أن صرح بأن الرياضيين يمكنهم أن يتناولوا المنشطات بدون أن يكشف أمرهم.
وكان الاتحاد الدولي لألعاب القوى برئاسة البريطاني سيباستيان كو قد أقر العديد من الإصلاحات من أجل إرساء مبدأ الشفافية داخل هذه المؤسسة بعد حقبة الرئيس السابق السنغالي لامين دياك الذي يخضع للإقامة الجبرية في العاصمة الفرنسية باريس، بيد أن نجله بابا ماساتا دياك لا يزال هاربا رغم وجود قرار دولي باعتقاله.
ويعتبر كل من دياك ونجله الشريكين الرئيسين في عمليات الفساد التي أضرت بسمعة اللجنة الأولمبية الدولية في الفترة الأخيرة.
وكشفت التحقيقات حول قضايا الفساد باللجنة الأولمبية الدولية عن وجود تحويل مالي بقيمة ميلوني دولار قامت به شركة تابعة لرجل الأعمال البرازيلي آرثر سيزار بطلب من رئيس اللجنة الأولمبية البرازيلية السابق كارلوس نوزمان لصالح بابا ماساتا دياك قبل ثلاثة أيام من التصويت على ملفات استضافة أولمبياد 2016 في الثاني من أكتوبر/تشرين أول 2009 في كوبنهاغن.
يذكر أن لامين دياك في ذلك الوقت كان عضوا باللجنة الأولمبية الدولية ، وبمناسبة هذه القضية توقيف على نوزمان، الرئيس التاريخي للجنة الأولمبية البرازيلية ورئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد ريو 2016 ، كما عوقب بالإيقاف في إطار نفس القضية الناميبي فرانك فريدريكس عضو اللجنة الأولمبية في نامبيا.
ولم يكن التصويت لصالح ريو 2016 هو وحده المثير للشبهات ، حيث تعكف النيابة العامة في فرنسا منذ عدة أشهر على التحقيق في وجود تحويلات مالية مريبة ومثيرة للشك تمت قبل اختيار العاصمة اليابانية طوكيو لتنظيم أولمبياد 2020 خلال جلسة تصويتية عقدت في 2013 في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
وعلى الجانب الأخر، لم يحظ الفيفا بعام هادئ، فعقب الفضيحة المدوية التي هزت أركانه في 2015 تتابعت التحقيقات بدون توقف في هذا الصد وشهد العام الجاري صدور أولى الأحكام القضائية.
وصدر أول هذه الأحكام في مدينة نيويورك الأميركية بإدانة البارغواياني خوان أنخيل نانوت ، الرئيس السابق لاتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم "كونميبول"، وخوسيه ماريا مارين، الرئيس السابق للاتحاد البرازيلي للعبة.
وفي إسبانيا، تم توقيف هذا العام على الرئيس التاريخي للاتحاد الإسباني لكرة القدم ، ماريا بيار ، الذي عوقب بالإيقاف في بادئ الأمر قبل أن يتم عزله تمامًا عن منصبه.
وتم توقيف بيار ونجله جوركا في إطار عملية مكافحة الفساد التي تقودها الشرطة الإسبانية ، إلا أنهما خرج من محبسيهما بعد أن قاما بدفع كفالة مالية.
وتوترت العلاقات بين الفيفا والحكومة الروسية في 2017 بعد أن امتدت فضيحة المنشطات المدعومة حكوميا في الرياضة الروسية إلى كرة القدم ووضعت منتخب روسيا الأول لكرة القدم الذي شارك في مونديال 2014 بالبرازيل في بؤرة الاتهام.
ولم يفلح دعم الفيفا للرجل القوي في الرياضة الروسية، فيتالي موتكو، نائب رئيس الوزراء الروسي ورئيس اتحاد الكرة في بلاده ورئيس اللجنة المنظمة لمونديال 2018، في تحسين صورته بعد أن أكدت بعض من الصحف العالمية اقتراب رحيل المسؤول الروسي عن مناصبه الرياضية بسبب فضائح المنشطات التي وصلت إلى كرة القدم.
وشهد العام 2017 أيضا رحيل الشيخ أحمد الفهد الصباح، وسط إدعاءات بتورطه في فضيحة فساد الفيفا ، عن مناصبه سواء في الاتحاد الأسيوي لكرة القدم أو الفيفا، ولكنه احتفظ بمنصبيه في المجلس الأولمبي الأسيوي واتحاد اللجان الأولمبية الوطنية "انوك" ، بيد أن نفوذه في الوسط الأولمبي تراجع إلى أقصى درجاته.
وقال انفانتينو "هناك خط واضح بين الماضي والحاضر والمستقبل".
وعلى هذا المعنى أكد توماس باخ ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية ، ولكن شاء أما أبيا عادت الشكوك والشبهات لتحوم بقوة حول المؤسستين اللتين يترأسها كل منهما وحول الرياضة العالمية بشكل عام.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر