بقدر ما شهدت ملاعب التنس خلال 2015 من أرقام قياسية وإنجازات تاريخية، كانت شاهدة على فرص ضائعة، ربما أذهبت من أفواه الكثيرين حلاوة تلك النجاحات المبهرة.
فدخول نادي الألف انتصار وتحقيق الرقم القياسي في عدد النقاط التي يحققها لاعب في موسم واحد أو الفوز بثلاثة ألقاب غراند سلام في حين يطمح الكثيرون لحصد لقب واحد لا يضاهيه سوى الفرص الضائعة في 2015.
53 انتصاراً و3 هزائم فقط، ربما يكون سجلاً يدفع الكثيرين لإنهاء الموسم في أفضل حال، لكن ليس بالنسبة للأمريكية سيرينا ويليامز في 2015.
دخلت "كابتن أمريكا" الموسم ونصب عينيها تحقيق بطولات الغراند سلام الأربع الكبرى، في إنجاز لم يسبق أن حققته لاعبة في العصر الحديث سوى الألمانية شتيفي غراف، صاحبة الرقم القياسي في عدد مرات الفوز ببطولات الجائزة الكبرى (22 لقباً)، والذي كانت سيرينا تسعى لمعادلته.
ولم تكن بداية الموسم موفقة بالنسبة للاعبة السمراء، ففي كأس هوبمان الودية للفرق المختلطة تأخرت سيرينا أمام الإيطالية فلافيا بينيتا بخمسة أشواط نظيفة، لكنها طلبت قدحاً من القهوة، في حادثة فريدة من نوعها، كان له مفعول السحر، ليس فقط في المباراة، وإنما على مستوى الموسم.
وتوجت بعدها اللاعبة الأمريكية ببطولات الغراند سلام الثلاثة الأولى في الموسم أستراليا المفتوحة، على حساب الروسية ماريا شارابوفا ورولان غاروس على حساب التشيكية لوسي سافاروفا وويمبلدون على حساب الإسبانية غاربيني موغوروزا، وفيما بين تلك البطولات، فازت بلقب بطولة ميامي وسينسيناتي.
وعندما كانت سيرينا على بعد قوسين أو أدنى من تحقيق الإنجاز التاريخي، يبدو أن "سحر" قدح القهوة انتهى أمام إيطالية أخرى، روبرتا فينشي في نصف نهائي بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، لتخرج اللاعبة الأمريكية في مفاجأة كبرى، وتنهي بعدها موسمها في ظل أنباء عن تأثرها معنوياً بالفرصة الضائعة.
عندما يعلن المذيع الداخلي عن دخول المايسترو روجر فيدرر، ينتظر عشاقه سحراً على أرضية الملعب، ولم يخذلهم اللاعب السويسري ذو الـ34 عاماً.
,عزف "المايسترو" ألحاناً ولا أروع خلال الموسم، بل إنه ابتدع سيمفونية جديدة سميت باسمه "هجوم خاطف من روجيه فيدرير"، والمعروفة اختصاراً بالانجليزية (SABR).
ولمن لا يعرف فإن (SABR) هي عبارة عن طريقة استحدثها فيدرير في ملاعب المحترفين، لرد إرسال المنافس على بعد مسافة ليست بالكبيرة من مربع الإرسال، بما يمكنه من مباغتة خصمه، ووضعه تحت الضغط طوال الوقت.
ويضاف إلى هذا الاستقبال الفريد والإيقاع السريع وضربات الإرسال القوية والأسلوب الهجومي، ليكون الناتج 6 ألقاب هي برسبن ودبي واسطنبول وهاله وسينسيناتي وبازل.
ولكن ومع استمتاع متابعي لعبة الأمراء، حتى من غير مشجعي فيدرير بهذه الألحان، فإنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن شيئاً ينقصها.
وسنحت الفرصة أمام اللاعب السويسري ليعزز رقمه القياسي في عدد ألقاب بطولات الغراند سلام والذي يحمله بـ(17 لقباً)، في نهائي بطولة ويمبلدون والولايات المتحدة المفتوحة، فضلاً عن البطولة الختامية لموسم رابطة محترفي التنس، ولكن الصربي نوفاك ديوكوفيتش ضيع عليه فرصة التتويج بأول ألقابه الكبرى منذ 2012.
تألقت خلال الموسم المنصرم العديد من اللاعبات الصاعدات، واللاتي طالبن بفرصة للصعود إلى منصات التتويج في البطولات الكبرى، وليس هناك أفضل من البطولة الختامية.
8 لاعبات تنافسن على اللقب في غياب الأمريكية سيرينا ويليامز، التي انسحبت بعد خروجها من بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، هذه هي الفرصة المثالية بالنسبة للجميع وعلى رأسهن الروسية ماريا شارابوفا، التي لم تتخط "عقدة" سيرينا في نهائي أستراليا المفتوحة.
ولكن "ماشا" ليست وحدها في سنغافورة، فهناك لاعبات أخريات يطالبن بحقهن في اللقب، بينهن الإيطالية فلافيا بينيتا، التي توجت ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة، والإسبانية غاربيني موغوروزا، التي تأهلت لنهائي ويمبلدون وفازت ببطولة بكين، ممثلة للصاعدات اللاتي يعتبرهن جيلاً رابعاً في ملاعب الأمراء، والرومانية سيمونا هاليب، التي توجت ببطولة إنديان ويلز، أكبر ألقابها في مسيرتها الاحترافية.
وتخطت "ماشا" دور المجموعات وكذلك موغوروزا، إلى جانب التشيكية بترا كفيتوفا والبولندية أنييسكا رادفانسكا، لتكون اثنتان من اللاعبات الأربع على بعد مباراة واحدة من دور النهائي، لتسقط المرشحة الأولى للقب بالنسبة للكثيرين، والحصان الأسود، لتهدر اللاعبة ذات الأصول الفنزويلية فرصة تحقيق المفاجأة في مشاركتها الأولى بالبطولة.
ونجحت رادفانسكا في الفوز باللقب، لتضيع الفرصة على كفيتوفا التي كانت على بعد مجموعة واحدة من كتابة التاريخ.
لا يوجد شك في أن 2015 كان أحد أسوأ المواسم التي مرت على الإسباني رافائيل نادال، إذ عانى في أغلب فتراته من أزمة ثقة بدت وكأنها صخرة على كاهله.
وكلما وصل النجم الإسباني إلى محطة يزيل فيها عن كاهله هذا الحمل، فإنه يأخذه إلى الخلف ليبدأ الرحلة من جديد، كما هو حال سيزيف، الذي نزلت عليه تلك اللعنة في الأساطير الإغريقية.
فبعد وصوله إلى قمة بطولة بوينوس أيرس بعد خسائر مفاجئة أمام توماس بيرديتش في ربع نهائي أستراليا المفتوحة، والإيطالي فابيو فونيني في نصف نهائي ريو دي جانيرو، عاد ليهدر فرصة حسم موقعة ربع نهائي إنديان ويلز التي سنحت له أمام الكندي ميلوس راونيتش.
بدأ رحلة العناء من جديد إلى أن وصل لنهائي مدريد بعد أداء جيد خلال مشواره بالبطولة، لتسنح له فرصة التخلص من الحمل ليخسر أمام موراي، لكنه يهدر الفرصة ويخسر بصورة مروعة.
وبعدما خسر ربع نهائي بطولة رولان غاروس أمام الصربي نوفاك ديوكوفيتش، عاد ليفوز ببطولة شتوتغارت في أول نسخها التي تقام على الأراضي العشبية، تفائل الكثيرون بشأن بطولة ويمبلدون لكنه خسر بصورة مفاجئة أمام داستن براون.
واستمرت الرحلة التي بدت أبدية حتى البطولة الختامية، بعد وصوله إلى نهائي بطولة بازل وأعقبته خسارة في ربع نهائي باريس بيرسي أمام السويسري ستانيسلاس فافرينكا.
وعندما سنحت له فرصة للانتفاض في البطولة الختامية لموسم رابطة محترفي التنس، بعد أداء قوي خلال دور المجموعات، اصطدم بديوكوفيتش، ليفوز "نولي" وتضيع الفرصة على نادال.
أنهى النجم الصربي نوفاك ديوكوفيتش الموسم بعدد نقاط قياسي لم يسبقه إليه أي لاعب (16 ألف و585 نقطة)، وأصبح أول لاعب يفوز بثنائية إنديان ويلز وميامي ذواتا الألف نقطة للمرة الثالثة.
مقاتل أسطوري تمكن من حصد 11 لقباً في موسم لم يتعرض فيه سوى لـ6 هزائم فقط، 3 منها أمام السويسري روجر فيدرر، الذي فاز عليه "نولي" في نهائي بطولات ويمبلدون والولايات المتحدة المفتوحة والبطولة الختامية.
وتضاف إلى تلك البطولات ألقاب مونت كارلو وروما وشنغهاي وباريس بيرسي وهي من بطولات الأساتذة ذات الألف نقطة، اضافة إلى بكين (500 نقطة)، في موسم يراه الكثير من الخبراء هو الأفضل في تاريخ لعبة الكرة الصفراء.
ولكن بالنسبة للكثير من مشجعي "نولي" لا تزال هناك غصة في حلقهم رولان غاروس، ثاني بطولات الغراند سلام الأربع الكبرى.
وتأهل ديوكوفيتش إلى نهائي البطولة بعد أن تفوق في ربع النهائي على نادال وفي نصف النهائي على موراي، الذي فاز هذا الموسم بألقابه الثلاثة الأولى على الأراضي الترابية هي ميونخ ومدريد ونهائي كأس ديفيز الذي أقيم على الأراضي الرملية في بلجيكا.
وأهدر "نولي" الفرصة للفوز باللقب الوحيد الذي يغيب عن خزانته بين بطولات الغراند سلام الأربع الكبرى أمام السويسري ستانيسلاس فافرينكا، ليؤكد بهذا أن 2015 هو عام الفرص الضائعة في ملاعب الأمراء.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر