الرباط - المغرب اليوم
بينما يجتمع المغاربة على مائدة إفطار مميزة خلال شهر رمضان، فإن الأمر مختلف عند منال بحدو، شابة من الرباط تعيش عذاباً مزمناً يحرمها من تناول "الشهيوات المغربية"، ليس بسبب حالتها المادية أو وضعية الأسرة الاجتماعية، بل نتيجة إصابتها بمرض "حربائي"، بات يتسلل إلى عشرات البيوت ويقلب النمط الغذائي للمصابين به رأساً على عقب.
يتعلق المرض بـ"السيلياك"، أو حساسية الجلوتين، وهو مرض ينتج عن مشكلة هضم البروتين في الأطعمة مثل الخبز والبسكويت والمكرونة، مما يؤثر على امتصاص المواد الغذائية. وتشمل أعراض هذا الداء الغازات والانتفاخ، وفقدان الوزن، والتعب.
ويقول الأطباء المتخصصون في الغذاء إن "السيلياك" يصيب الجهاز الهضمي ويتسبب في تلف الأمعاء الدقيقة، ويوقف امتصاص العناصر الغذائية من بروتينات ودهون وسكريات وفيتامينات وأملاح معدنية.
رمضان والسيلياك
منال بحدو وآخرون يعانون من حساسية الجلوتين، الموجودة في القمح والشعير والشوفان، وأيضاً في المنتجات الغذائية المعلبة والمواد الحافظة؛ وهي مكونات يكثر استعمالها خلال شهر رمضان لإعداد أطباق "الشباكية" و"الحريرة" و"البريوات" و"السفوف"... إلخ.
وتكثر معاناة "السيلياكيين" في رمضان أكثر من أي وقت مضى، لأن المواد الخالية من الجلوتين المستعلمة في وجبات هذا الشهر لا تُصنع في المغرب، بل يتم جلبها من الخارج بأثمة مرتفعة جداً؛ إذ يصل ثمن الكيلوغرام الواحد من الدقيق الخالي من الجلوتين إلى 85 درهماً، بينما يبتدئ ثمن علبة بسكويت الواحدة حسب نوعها من 10 دراهم إلى 50 درهما، وقس على ذلك.
تقول الشابة منال، التي التقينا بها داخل الجمعية المغربية لذوي الحساسية ضد الجلوتين، وهي أول هيئة أسست سنة 2001 لمساعدة مرضى السيلياك: "التحقت قبل شهرين ونصف بهذه الجمعية بعد تمكني من تشخيص مرضي. بداية وجدت صعوبات في الحصول على المواد والمشتريات الخاصة بالحمية الغذائية، ولكن بفضل المؤسسة غبر الربحية، تعرفت على وصفات خاصة، لا سيما تلك المتعلقة بهذا الشهر الكريم".
"يُمكن لنا الآن أن نقوم بإعداد الشهيوات الرمضانية وباقي المأكولات الخالية من الجلوتين، رغم أن الأمر يتطلب نفساً طويلاً وصبراً منقطع النظير. نُحاول أن نكون مثل جميع المغاربة على مائدة الإفطار"، تُضيف الشابة، التي أبرزت في حديثها جانبا آخر من معاناتها يتعلق بالأكل خارج البيت.
واستطردت وهي تُساعد في توزيع قفة رمضان لفائدة مرضى السيلياك: "الوضع يختلف كثيراً خارج المنزل؛ إذ لا يمكن لنا مشاركة الطعام مع زملائنا في المدرسة أو العمل أو الحفلات والمناسبات، والأمر نفسه بالنسبة للمطاعم أو المحلات الغذائية التي تنعدم فيها وجباتنا الحميائية".
وفي المغرب، لا تُوجد إحصائيات رسمية حول هذا المرض، رغم تأكيد المهتمين أن العدد في ارتفاع مستمر.
أسعار "خيالية"
نجاة أتاتي، رئيسة الجمعية المغربية لذوي الحساسية ضد الجلوتين، قالت، في مقابلة مع هسبريس، إن جمعيتها تستقبل كل يوم سبت، وهو موعد أسبوعي للقيام بحملات توعوية، ثلاث حالات جديدة فقط من نواحي الرباط. بينما تُشير الأرقام العالمية، بحسبها، إلى أن 1 من 75 شخصا مصاب بالمرض، كما أن غالبية المغاربة لا يستطيعون تشخيص حالتهم بالشكل المطلوب.
وحول الصعوبات في رمضان، أشارت رئيسة الجمعية، المصابة أيضاً بـ"المرض الحرباء"، إلى أن الصناعات الغذائية في المغرب لا تنتج موادا ومنتوجات خالية من الجلوتين، بل نقتصر فقط على المواد المستوردة التي تخضع لرسومات إضافية تجعل أسعارها ملتهبة.
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر